عندما وعيت للعالم من حولي تزوجت خالتي “غادة” وانتقلت مع زوجها إلى الكويت، لم أتمكن من قضاء وقت كبير معها خلال سنوات طفولتي ومراهقتي، لم أتعرف عليها جيداً، جل ما كنت أعرفه عنها خلال أسبوعي الأجازة السنوية التي تقضيها أنها خالتي –الدلوعة الشيك- التي تأتي محملة بالهدايا كل عام!
كانت أمي تعلق كثيراً على تصرفاتي وطباعي أنها تشبه خالتي؛ فأنا التحق بدورات تدريبية كثيرة لأتعلم أشياء كثيرة ولا أستكملها للنهاية كخالتي، أحب القراءة وامتلاك الكتب العديدة كخالتي، لمضة ولساني طويل كخالتي، كسولة في الأعمال المنزلية كخالتي، وهكذا كنت أنال العديد من تعليقات أمي بتشابهي مع خالتي ولكني لم ألمس فعلياً حقيقة هذا التشابه حتى وقت قريب.
ففي الفترة الماضية المصاحبة لمرض جدتي كثرت زيارات خالتي للقاهرة، وأصبحنا نمكث أوقاتاً طويلة معاً لأكتشف حقيقة كل ما كانت تقوله أمي، فبالفعل نحن نتشابه في الكثير من العادات والطبائع، نحب الجلوس في تجمع العائلة لننفصل وحدنا مع كتاب أو موبايل، نحب الخروج والتنزه وزيارة أماكن جديدة، نعشق التقاط الصور في كل مكان، نعشق الكسل وعدم القيام بأي من الأعمال المنزلية على الرغم من مهارتنا فيها إذا ما أردنا، ثرثارتين إلى أقصى درجة ونعشق الحكي بأدق التفاصيل، نهتم بمظهرنا وجمالنا ونحب الملابس والفاشون، حتى هوسي بالكتابة أكتشفت أن لديها نفس الهوس حتى وإن أحترفت مجالاً غيره.
في النهاية أكتشفت أنني أشبه خالتي –الوحيدة التي لم تنجب فتيات في العائلة- أكثر مما أشبه أمي!