أغرورقت عيناي بالدموع أكثر من مرة وأنا أتابع أحداث تلك الرواية المشوقة، فالوصف التاريخي المفصل لأحداث المجازر والمذابح التي حدثت سواء في فلسطين أو لبنان لا تملك أمامه إلا أن تتخيله جاثماً بصوره أمامك كأنه يحدث في التو واللحظة ولا تملك أمام هذا سوى أن تنهار مقلتيك بالدموع من بشاعة ما حدث، وعلى الرغم من تفضيلي الدائم للروايات التي تحوي مقاطع شعرية وأقوال يمكن اقتباسها منفردة وعدم توافر ذلك في تلك الرواية إلا أنها جذبتني إليها جذباً.
فتلك الرواية لم تكن تعتمد مطلقاً على الجانب الشعري وإنما اعتمدت على الجانب السردي التاريخي في وصف مفصل لأحداث القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي من خلال أبطالها، هذا السرد التاريخي المشوق يغني عن قراءة العديد من الكتب التاريخية الجامدة، بينما هذه الرواية الرائعة تنقلنا إلى موقع الحدث لنهرب مع أبطالها من القصف وبرك الدماء المتناثرة ولنحبس أنفاسنا في أماكن أختبائنا حتى لا يشعر بنا العدو. فعلاً رواية أكثر من رائعة لا تسعها تقييمات العالم وإن كان لي عليها بعض المآخذ الأخلاقية والدينية.
من المآخذ التي صدمتني في الرواية: شرب الخمر وكأنه فعل عادي مع احتفاظ أحد الأبطال بزجاجات الخمر في منزله وتقديمها لأخيه في وجود الأم دون اعتراض منها، وكذلك بعض ألفاظ السباب واللعان التي تصل للرب “يلعن ربه… يلعن سماه” اعتقد أن هذه الأجزاء لم يكن لها تأثير جوهري على سياق الرواية وإذا لم تكن موجودة لما شعر أي قارئ بأي عنصر إختلال فلا أدري حقيقة أهمية وجود تلك الأحداث؟! غير ذلك فلا نستطيع القول إلا أن الرواية أكثر من رائعة بكل تأكيد.