بالصور… أمسية شعرية موسيقية لسالم الشهباني في ساقية الصاوي

كتبت: سارة الليثي
 نظمت ساقية الصاوي مساء اليوم الأحد أمسية شعرية موسيقية للشاعر سالم الشهباني بصحبة الفرقة الموسيقية على مسرح الحكمة، وقد شهدت الأمسية اقبالاً من الشباب المهتمين بالشعر والأدب والفن، وكان من ضيوف الأمسية بعض الشعراء الشباب الذين شاركوه ديوان “أبجد هوز” الجماعي: أيمن قطب، أندرو صفوت، اسلام حمادة، وعمرو شمس، كما شاركه المسرح المطربان هند الراوي وأحمد الهاشمي في وصلة غناء يتخللها الالقاء الشعري، وقدم الفنان علي الهلباوي على المسرح رائعته مرسال لحبيبتي.


يذكر أن الشاعر سالم الشهباني حائز على جائزة الدولة التشجيعية في الأداب فرع الشعر  2016 وجائزة أحمد فؤاد نجم 2015 والجائزة المركزية بالهيئة العامة لقصور الثقافة 2014 والجائزة الأولى من مؤتمر الإخاء الشبابى بالمملكة العربية السعودية 2008 وجائزة اوسكار النيل الثقافية عن ديوان “السنة 13 شهر” فى استفتاء أجرته قناة النيل الثقافية برنامج (أوسكار النيل الثقافية) 2007 والجائزة الأولى من معهد جوته الألمانى فى شعر الـslam 2006 والجائزة الأولى من سلطنة عمان فى مؤتمر الكتاب الشباب 2006، وقد دِّرَست له بعض القصائد فى كلية الآداب جامعة حلوان، وترجمت له بعض القصائد إلى اللغة الروسية والإنجليزية والفرنسية.


وقد صدر له عدة دواوين هي: ديوان ولد خيبان، والسنة 13 شهر، والقطة العميا، والملح والبحر، وشبر شبرين، والدليل، وسيرة الورد، والبعيد عن العين، وديوان مجمع “الصحبجية” وديوانه الأخير الوداع، وله تحت الطبع ديوان: فى خبر كان، والحواس الخمس، وبيروت كما ينبغى.

 

الإعلان

اكتئاب

   عندما تكون الحياة مملة

   عندما يتنافر كل من حولك

   عندما لا تجد سبيلاً لإصلاح الوضع

   عندما ترى حياتك تتهدم

   عندما تكون مجبراً أن تتعايش مع وضع لا يلائمك

   عندما تتحطم كل القيم والمعايير أمام ناظريك

   عندما يفترق أقرب الناس إلى قلبك

   عندما ينكسر المثل

   لا يصبح للحياة معنى

حلم الفراشة

    دائماً ما أرى نفسي في أحلامي فراشة رقيقة ملونة بألوان قوس قزح الرائقة، فراشة تطير بخفة وحرية من شجرة لشجرة ومن غصن لغصن لترتشف من رحيق الحياة ما تشاء، فراشة جميلة تضيف بجمالها جمالاً جديداً للعالم، لا تخشى أحداً وتهرب بذكاء ممن يحاول اصطيادها، ولكن ذلك في أحلامي فقط، فعندما تأتي اللحظة الحاسمة لأقرر أن أعيش ذلك الحلم في الواقع، أصدم في نفسي حيث أجدني لا أزال تلك المرأة الشرقية بكل ما تحمله الكلمة من معاناة.

    تلك المرأة الشرقية التي تخضع في سكينة لضغوط الحياة والمجتمع مع ما يحمله من كل المساوئ والعيوب، تلك المرأة التي ترضى بوضع الأغلال في يديها وتسليم زمامها لرجل يقودها دون بنس شفة، بل انها تخشى حتى التخلص من تلك القيود وكأنها استلذت عبوديتها، تخشى الحرية التي باتت أمراً مجهولاً تجهل التعامل معه لترضى بالأمر الواقع الذي اعتادته، تلك المرأة التي تنحصر أحلامها في فستان أبيض وزوج وبيت تكون خادمته، وأطفال تنشئهم ليكونوا عبيداً مثلها.

    تلك المرأة التي لطالما كرهتها في أحلامي لأفيق وأجدني هي!

جولة في الكتب: المرأة المسلمة

المرأة المسلمة

محمد متولي الشعراوي

   على الرغم من عظمة الشيخ الشعراوي إلا انه لم يتخلص من تلك النظرة الشرقية الذكورية الخالصة للمرأة، فهو يرى أنه لا يحق للمرأة أن تعمل إلا تحت وطأ الحاجة الملحة وليس لها أن تخرج من بيتها إلا لضرورة قصوى، على الرغم من أن زوجات الصحابة كانوا يعملن مع أزواجهن فيما يعملون فيه، فقد كانت السيدة “أسماء بنت أبي بكر” تحمل النوى لأرض سيدنا “الزبير بن العوام”، وكانت زوجات الرسول (صلى الله عليه وسلم) يخرجن في الغزوات لتطبيب الجرحى.

    وكانت السيدة “خديجة بنت خويلد” تدير تجارتها، وقد عين سيدنا “عمر بن الخطاب” امرأة قاضية في السوق تحكم بين التجار، وتلك كانت هي الأعمال الموجودة في ذاك العصر فلم يكن هناك شركات ومؤسسات ليعملن فيها فقد عملوا في كل مجالات العمل المتاحة في ذاك العصر ودون وجود ضرورة قصوى بل كان أمراً طبيعياً لم يعترض عليه أحد أو يرى أنه أمر شاذ ولكن بعد قرون أبت تلك النظرة الذكورية البغيضة أن ترى المرأة تعتلي المهن والوظائف لتكون أمهر من عديد من الرجال!

   ولذا ظهرت فجأة تلك الرؤى والتفسيرات والتأويلات التي تلصق بالاسلام زوراً أنه يمنع المرأة عن العمل إلا للحاجة والضرورة القصوى، وأن المكان الوحيد المسموح للمرأة التواجد فيه شرعاً هو البيت، ناسين أو متناسين أن المرأة منذ فجر الاسلام كان لها الدور الأساسي والرئيسي في نشر الدعوة ومساندتها بدءاً من السيدة “خديجة بنت خويلد” التي ناصرت الرسول (صلى الله عليه وسلم) بمالها وايمانها ومشاعرها وحاربت الدنيا لأجله، وتحملت الجوع والعطش معه في حصار قريش لهم في الشعب حتى أودى ذلك بحياتها في عام الحزن.

    مروراً بالعديد من الصحابيات كالسيدة “سمية بنت الخياط” أم “عمار بن ياسر” أول شهيدة في الاسلام، و”نسيبة بنت كعب” التي وقفت تزود عن الرسول بحياتها، والعديد من الصحابيات اللواتي كان لهن أدواراً عديدة في الدولة الاسلامية الناشئة، ولم يثنيهن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن أدوارهن تلك ويأمرهن أن يلزمن بيوتهن ليكون لا دور لهن في الحياة سوى أن يعشن في ظل رجل يمحو وجودهن من الحياة ليطغى هو عليهن بوجوده ويعشن هن دائرات في فلك رجالهن فقط لا غير!

حياة زائفة (قصة قصيرة)

    كانت في لقاء تلفزيوني لأحد البرامج تتحدث عن نجاحها وانجازاتها عندما باغتها أحد الحضور بسؤالها عن عائلتها ودورهم في ما وصلت إليه، وجمت للحظة، ولكن ما لبثت ان تماسكت نفسها وعلت وجهها ابتسامة زائفة وفي عينيها نظرة فخر كاذب لتجيب تلك الإجابة المعتادة بأنهم كان لهم دور كبير في نجاحها وكانوا نعم الأهل لها وساندوها كثيراً في طريقها للنجاح.

    بعد انتهاء البرنامج أدارت سيارتها لتنطلق بها في الشوارع هائمة على وجهها تحاول أن تداري دموعها عن الجميع وهي تتذكر كيف ساندها أهلها كثيراً وكانوا سبباً في نجاحها، حقاً فلولا ما فعلوه معها يومها ما كانت وصلت لما وصلت له اليوم وما كانت حققت شيئاً في حياتها، لازالت تذكر ذلك اليوم الذي بدأ منه كل شيء بأدق تفاصيله، كانت تجلس معه يتبادلا أطراف الحديث ويتضاحكا معاً، كان ذاك أخيها الوحيد الذي لا تملك سواه في هذه الدنيا.

    كان رفيق صباها ومصب أسرارها، فشل أبواها في أن يلدا لها أخوة أشقاء فكان هو أخيها الوحيد، ولم لا؟! أليس أبواهما اخوة؟! فما الضير في أن يكونا أخوة هما أيضاً ولو حملت بهما أرحاماً مختلفة؟! كان بالنسبة لها هو أخيها الحقيقي، كانت تهرول إليه في كل مرة يضايقها أحد ما ليكون هو سندها الذي يحميها ويدافع عنها ويأتي لها بحقها، كم تشاجر كثيراً لأجلها، ضرب وضُرب، وكانت هي أيضاً تدافع عنه في كل مكان وتقف كسيف حاد لكل من تسول له نفسه أن يأتي على ذكره بكلمة سوء واحدة في حضورها.

    حتى الآن لا تستطيع تصديق ما حدث ذلك اليوم، فجأة تحول أخوها الوحيد الذي كان يحميها ويدافع عنها إلى ذئب يود نهش لحمها وتمزيق شرفها! فوجئت بيده تمتد بين طيات ملابسها لتصل إلى ثديها، لم تكد تفيق من صدمتها حتى وجدته قد انقض على شفتيها يحاول تمزيقها بشفتيه، لم تعي بنفسها إلا وهي تنهال براحة كفها على وجهه تصفعه بكل ما أوتيت من قوة، ولكن بدلاً من أن يفيق ويسترد رشده بعد تلك الصفعة المدوية زاد جنونه.

    لم تشعر إلا وهو ينهال عليها ضرباً ويمزق ما تصل إليه يديه من ملابسها محاولاً تجريدها منها، حاولت هي بدورها ردعه ولكنها كانت أضعف كثيراً من أن تتغلب عليه. تمنت أن يسمع أحد صراخها ويأتي لإنقاذها، ولكنه كان يعي جيداً أن ما من أحد في الجوار ولن يغيثها أحد من تحت يديه، وقضى وطره منها وكان له ما أراد، ولكن ما لم يكن في حسبانه أن تأتي عائلتهما في ذلك الوقت بالتحديد ويروهما في ذلك الوضع.

    فور أن رأت أبوها هرولت لترتمي باكية في حضنه، ظناً منها أن ذاك الحضن سيحميها مما أصابها وسيكون هو درع وقايتها، ولكنها فوجئت به ينهال عليها صفعاً متهماً إياها بأنها جلبت له العار وفرطت في شرفها وشرفه. كانت مذهولة لما تسمع، لم تستطع تصديق أذنيها، أيتهمها هي بالعار وتلطيخ شرفه؟! ماذا فعلت هي؟ وماذا كان من الواجب عليها أن تفعل؟ كيف كانت ستحمي ذاك الشرف المزعوم ومن كان عليه حمايته هو من هتكه؟!

    اجتمعوا ليصدروا قراراً بشأنها، كان قرارهم هو تزويجها لمن اغتصب شرفها حتى يتجنبوا عار الفضيحة! رفضت وصرخت، لم تراه يوماً زوجاً، كان دائماً أخيها، وهل يتزوج الاخوة؟! واليوم صار مغتصبها، اليوم تحتقره وتكرهه كما لم تكره أحداً من قبل فكيف لها أن تتزوجه؟! لم يعبأ أحد لتوسلاتها وصراخها بل اجتمعوا عليها معاً، أخبروها أن تحمد الله أنه قد وافق على الزواج منها بدلاً من أن تواجه المجتمع بعارها أو يقتلوها هم قبلاً.

   أمام إصرارها على الرفض ألقوا بها حبيسة جدران حجرتها ومنعوا عنها الطعام حتى ترضخ، ولأول مرة في حياتها تتخذ قراراً يخصها، قررت أن تتركهم ورائها، أن تقطع كل ما يربطها بهم بعد أن قطعوا عنها حبال انسانيتها وتعاملوا معها على أنها شيء مجرد من المشاعر عليه أن يطيع دون أن يفكر أو يشعر، لم يكن بالقرار السهل، قررت أن تهرب من ذلك الجحيم ولكن الطريق جد وعر، فهي لا يمكنها الخروج من غرفتها والسبيل الوحيد المتاح أمامها هو النافذة.

   لم يفكر أحد من عائلتها في أن يسد عليها نافذة غرفتها، فلم يعتقد أي منهم أنها قد تواتيها مثل تلك الفكرة المجنونة، أن تهرب من نافذة الدور الخامس، ان احتمالات فقدانها لتوازنها لتسقط كجثة يتضرج منها الدماء أعلى كثيراً من أي احتمال لنجاتها، ولكن هروبها من ذلك الجحيم كان أقوى من أي خسارة، فلا مانع لديها لو أن هروبها يعني موتها، فالله رحيم ولكن هؤلاء القوم لن يرحموها مادامت بينهم.

     عزمت أمرها وانتظرت حتى نام الجميع، فتحت نافذتها وتسلقت السور، قفزت من السور لتقف على الظهر الخارجي لمكيف غرفتها الذي لولا ضآلة حجمها لما تحمل وزنها وسقط بها إلى الشارع لتمتزج قطع لحمها بحديده المتهالك، ولكن حمداً لله لم يحدث أياً من ذلك، تحاملت على نفسها وحاولت عدم النظر لما قد يكون أسفل قدميها، جلست على ظهر المكيف الخارجي وحاولت مد ساقيها لتتعانق مع درابزين السلم محاولة تثبيتها على هذا الوضع لتستطع الميل بباقي جسدها.

    استطاعت بالفعل تثبيت ساقيها لينزلق جسدها في الهواء حتى تجد نفسها تجلس متماسكة على الدرابزين، لم تكد تصدق أنها نجحت ونفذت منهم، أفتر ثغرها عن ابتسامة واسعة حملت كل معاني النصر، قفزت من على الدرابزين وانطلقت تعدو بكل قوتها فوق درجات السلم هبوطاً حتى وصلت إلى الشارع؛ لتشعر أنها أخيراً قد هربت من ذلك الجحيم، لولا صديقتها التي لجأت اليها ذلك اليوم وآوتها في منزلها ربما كان مصيرها اليوم كفتيات الشارع اللواتي تقرأ عنهن في أخبار الحوادث كل يوم.

    لقد فتحت صديقتها لها منزلها ولم تتهرب منها كما قد يفعل الكثيرون خوفاً من المشاكل والفضائح وسوء السمعة إلى آخره من تلك المسميات اللاتي يطلقونها على الضحايا من أمثالها ليساوونها بفتيات الهوى على قارعة الطريق، ولكن صديقتها لم تفتح لها باب بيتها فحسب بل فتحت لها أبواب الحياة، أهلتها لمواجهة حياة جديدة تكون هي فيها سند ذاتها لا تنتظر يد العون من أحد، وقد قررت أن تنتهز تلك الفرصة لتكون شخصاً آخر غير تلك الفتاة الخانعة التي استطاع شخص آخر دهسها وتدميرها في لحظة واحدة دون أن تستطيع حماية نفسها.

    لم تكتف بالوظيفة التي وفرتها لها صديقتها -والتي يكتفي بها وبدخلها العديد من الذكور- قررت أن تعلم نفسها وتعوض ما فاتها، أتقنت عدة لغات وارتقت في وظائفها حتى جاوز دخلها الشهري عشرات الآلاف، لتفتتح بعد سنوات قليلة شركتها الخاصة وتصبح أصغر سيدة أعمال في البلاد –تلك البلاد التي لا يوجد بها سوى عدد ضئيل من سيدات الأعمال واللاتي إن وجدن فهن في الغالب وريثات لتلك الأعمال ولسن مؤسسات لها-، اليوم هي قد تخطت كل الحواجز وأضحت أخبارها تحتل المراتب الأولى في الصحف والتلفزيون.

   لا تعرف إذا ما كانت أخبارها تصل لوالديها أم لا؟ وما هي ردة فعلهم عما وصلت اليه؟ هل لازالوا يرونها مصدر عار وفضيحة أم تسرب إليهم بعض الشعور بالفخر لما حققته؟ رغم كل ما فعلوه معها وبها لازالت تشعر بالاشتياق إليهم، فهل يشتاقون لها يوماً أم أنهم سعداء بتخلصهم منها ومن عارها؟ فجأة توقفت بسيارتها لتجد نفسها أمام منزل والديها الذي طالما حامت حوله العديد من المرات طوال تلك السنوات المنصرمة ولكن هذه المرة ولأول مرة تفكر جدياً بأن تنزل عن سيارتها وتخطو بضع خطوات للأمام.

   بضع خطوات قد تعيد وصل ما انقطع أو تقطع آخر أمل، ولكنها لا تزال حائرة إذا ما كان الأمر يستحق تلك الخطوات أم لا؟!

خواطر حول الكتابة

    لا أحب أبداً أن أحكم على أي كتاب أو فيلم في بدايته، ومن ثم اتوقف عن استكماله بناءاً على هذا الحكم المبدئي، حتى لو لم ينل اعجابي اصر على  استكماله للنهاية، ثم أحكم حكم نهائي، وفي أحيان كتيرة يكون حكمي المبدئي خاطئ حيث لا تتبلور فكرة الكاتب في بداية العمل أو يخفق في اختيار بداية مشوقة تحفز المتابع لاستكمال العمل على الرغم من تناوله لقضية هامة ثم يستدرك هذا الخطأ في منتصف العمل، وإذا كان انطباعي المبدئي عن العمل صحيحاً فإنني أستفيد على الأقل بالتعرف على الفكر السائد بالنسبة للفئة صاحبة العمل وطبيعة تفكيرهم والقضايا المهتمين بها وكيفية تعبيرهم عنها!

   وقد قال “عباس العقاد” في هذا الصدد: “ليس هناك كتاباً أقرأه و لا أستفيد منه شيئاً جديداً، فحتى الكتاب التافه أستفيد من قراءته، أني تعلمت شيئاً جديداً هو ما هي التفاهة؟ و كيف يكتب الكتاب التافهون؟ و فيم يفكرون؟”. والكاتب يكتب ليقود قراءه نحو أفق أوسع، ليعبر بهم حدود العالم الذي لا يستطيعون تخطيه وحدهم، ليكسر لهم حواجز وقيود العقل المتجمد في اطارات المجتمع البالية، ليخطو بهم نحو الحرية: حرية الفكر حرية الاعتقاد حرية الحياة، ليعمل عقولهم في ايجاد سبل تطوير حياتهم، ليخطو بهم نحو شطآن المستحيل، وإذا لم يحقق ذلك فما الفائدة مما يكتبه؟!

    والكتابة قد تكون الصوت الجرئ لكل من يخجل البوح بمشاعره وأفكاره ولا يجيد التعبير عنها، هي أصوات تنطلق من أعماق قلوبنا لتجري خطاً على الورق. وبما إن القراءة هي الخطوة الأولى للكتابة، والكتابة هي أسلوب حياة لا يختص بالكتاب فقط بل هي حياة لكل إنسان، فعلينا أولاً أن نقرأ، ومن ثم ننشر ثقافة القراءة في مجتمعاتنا؛ لنتحول إلى مجتمع قارئ كاتب مثقف، فأولاً وأخيراً نحن أمة اقرأ. لذا علينا بادئ ذي بدء التزام القراءة كأسلوب حياة في كل مكان.

   وذلك يكون باستثمار تلك الأوقات المهدرة في الانتظار في كل مكان –وما أكثرها في بلادنا- في القراءة، وهذا لن يعود بالنفع علينا فقط، بل إننا سنصبح قدوة لغيرنا بدون كلام أو خطب رنانة عن أهمية القراءة، حيث أن من سيرونا في تلك الأماكن العامة سيستشعروا كم أن القراءة أمر جيد وممتع ومن ثم سيقلدونا فينتشر الأمر. والمكتبات هي الحاضن الرئيسي للكتاب وهي وسيلة نشر القراءة والكتاب الرئيسية؛ لذا علينا التزام كبير تجاه تلك المكتبات بدعمها من خلال التردد عليها وشراء الكتب الأصلية من المكتبات.

    وذلك لتشجيع المكتبات والكُتاب أيضاً على استمرار ابداعهم، وحث الآخرين على ذلك، ودعم أنشطة المكتبات الثقافية المختلفة؛ لتستمر في وجودها ونشر الثقافة. ويقول “نيل جايمان” -كاتب روائي أمريكي في مجال الخيال العلمي-: “إذا لم تقدروا المكتبات فأنتم لا تقدرون المعلومات والثقافة والحكمة. أنتم بهذا العمل تخرسون صوت الماضي وتضرون المستقبل”.

النبي زوجاً

 

    “الرجال قوامون على النساء”، “مثنى وثلاث ورباع”، للذكر مثل حظ الأنثيين”، “ناقصات عقل ودين”.

   كثير من الذكور لا يدركون من الاسلام سوى هذه النصوص ولا يسعون لما ورائها ويفهمونها فهماً خاطئاً ويطبقونها تطبيقاً شنيعاً مخالفاً لكل ما أتى به الاسلام من شرائع ومنطق، وبعيداً عن ذكر تفسيرات وتأويلات تلك النصوص الصحيحة التي لا يسعنا المقام هنا لتناولها بالشرح والتفصيل، إلا أن أحداً من هؤلاء الذكور لا يسعى لمعرفة واجباته أيضاً تجاه تلك الزوجة التي حباه الله بها فهو يريد أن يحظى بالحقوق فقط –حتى وإن لم تكن مشروعة له فعلاً- دون القيام بأي واجبات.

    فأين هم من قول رسول الله (صلى الله عليه وسلم): “خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي”؛ فهل حاول أحدهم تطبيق ذلك الحديث والبحث عن حيثيات تلك الخيرية وما كان يفعله رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لأهل بيته للوصول لتلك الخيرية؟ فتقول عنه زوجته السيدة “عائشة بنت أبي بكر الصديق” حين سئلت: “ما كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يصنع في بيته؟ قالت: كان يكون في مهنة أهله – أي: في خدمتهم – ، فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة” رواه البخاري.

  وفي رواية عند أحمد: “كان بشرًا من البشر، يَفْلي ثوبه، ويحلب شاته، ويخدم نفسه”. وفي رواية أخرى في صحيح الجامع: “كان يخيط ثوبه، ويخصف نعله، ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم”. وفي هذا رد واضح على من يعول بهذا الحديث أنه خاص بأفضال الرسول (صلى الله عليه وسلم) التي لا يسع أحد ادراكها، فعلى الرغم من أننا مكلفون بالاقتداء برسول الله (صلى الله عليه وسلم) بنص القرآن: “كان لكم في رسول الله أسوة حسنة”، إلا أن نص الحديث يؤكد أيضاً أن هذا لم يكن خاصاً برسول الله (صلى الله عليه وسلم) بل انها كانت التصرفات الطبيعية لأي رجل في بيته أن يقوم بخدمة نفسه والقيام بمهام بيته.

   وعن “أنس بن مالك” (رضي الله عنه) قال: (خرجنا إلى المدينة قادمين من خيبر، فرأيت النبي  يُحَوِّي لها -أي: لصفية – وراءه بعباءة، ثم يجلس عند بعيره فيضع ركبته، وتضع صفية رجلها على ركبته حتى تركب) رواه البخاري، فأي رجل الآن يفعل ذلك لزوجته، بل ان الرجل يخجل أن يعامل زوجته معاملة جيدة كتلك أمام الناس حتى لا يتهموه بالضعف ويوصموه بأنه عبداً لزوجته، ويبرر اعراضه ذاك بأن الاسلام هو من حث على عدم اظهار طيب العلاقة بين الزوج وزوجته أمام الناس!

      لم يكن يوماً الزواج في الاسلام استعباداً للمرأة وامتهاناً لكرامتها بل كان دائماً وأبداً مشاركة حياة يتقاسم فيها الزوجين مسئوليات الحياة المشتركة داخل وخارج البيت، إلا إننا في الوقت الراهن ابتعدنا عن كل ما يمت للفطرة والمنطق بصلة نتخير من كل الثقافات أدناها ونلصقها زوراً بالاسلام!

*الصورة في باحة مسجد قباء

في ذكرى مولدي

  في مثل هذا اليوم (الاثنين 3 ديسمبر 1990م) جئت إلى الدنيا، وفيما يبدو أنني لم أكن أرغب في القدوم فقد كنت أعرف أنها أشد ظلمة من رحم أمي، وأنه لن يوجد مكان آخر أشعر فيه بذلك الأمان الذي كنت أنعم به في رحم أمي؛ فأمي تخبرني أنني ولدت في الأسبوع الثالث من الشهر العاشر للحمل دون أن تأتيها آلام المخاض؛ فقد كانت في زيارة دورية عادية للطبيب ولا تشعر بأي من ألام الولادة ولكن الطبيب هو من أصر حينها على أن يقوم بعملية التوليد نظراً لطول مدة الحمل.

    كنت متشبثة برحم أمي ولا أود الخروج منه لظلمة هذه الحياة، حاولوا معي بشتى الطرق والتي كانت آخرها سحبي بالشفاط (Gift)، وتطلبت عملية اخراجي من رحم أمي ما يقرب من نصف يوم، وعندما ولدت لم أتفاعل مع العالم الخارجي، لم أبكي ولم أصدر صوتاً، حتى أن أمي ظنت أنني ولدت ميتة، ولكنني فقط كنت معترضة على اخراجهم لي رغماً عن ارادتي، لم أكن أريد أن أولد وكفى، ألا يعد هذا سبباً منطقياً ليتركونني وشأني؟! ولكن كان للطب رأي آخر.

    رأى الطبيب أنني أعاني نقصاً في الأكسجين وذلك هو سبب ازرقاق جسدي؛ فطمأن أمي وأعلمها بحالتي ووضعني في الحضّانة لإمدادي بالأكسجين، وما لبثت أن أصبحت في حالة طبيعية ويخبرونني أنني كنت طفلة جميلة ولكنها عنيدة أيضاً، ولم لا؟! فمنذ أول لحظة لي في تلك الحياة بل ربما قبلها أيضاً، قررت أن أعاند تلك الحياة، ولا زلت إلى اليوم أعاندها فأغلبها مرة وتغلبني مرات ولكنها أبداً لن تكسرني!