يوميات بنوتة مصرية (29) والأخيرة: أول مرة تحب يا قلبي

      تدخل “مريم” إلى قاعة المحاضرات في المركز التدريبي فتجد “مدحت” جالساً بينهم؛ فتنظر له نظرة تعجب مختلطة بفرحة وحيرة في نفس الوقت، وتحاول أن تشرح المحاضرة ولكنها لا تستطيع التركيز طوال الوقت وعينها زائغة على “مدحت” تحمل تساؤل عن سبب تواجده وهنا بالذات وهو كما يبدو عليه متعمداً لوجوده غير متفاجئاً بوجودها!

بعد المحاضرة يتوجه “مدحت” للحديث مع “مريم” وهي تلملم أغراضها:

  • ازيك؟
  • انت بتعمل ايه هنا؟
  • هو مكنش باين عليا أنا بعمل ايه ولا ايه؟! هم اللي كانوا هنا بيعملوا ايه وأنت متعرفيهوش!
  • وهو يعني انت فجأة كدة قررت انك تسيب الطب وتتعلم جرافيك؟
  • وأسيب الطب ليه؟! ما زيادة الخير خيرين، الواحد يتعلم حاجة واتنين وعشرة ايه المانع يعني؟!
  • مفيش مانع خالص، انت عرفت اني بشتغل هنا منين؟
  • من الفيس هيكون منين يعني؟!
  • أه عشان كدة طلبت الفيس بتاعي!
  • أه ذكية انت خالص بسم الله ما شاء الله.
  • مش تقولي الواحد يتعلم حاجة واتنين وعشرة!
  • ايه ده؟ ايه ده؟ انت فاكرة أني جاي عشانك وكدة؟! لا خالص، ده هم بيقولوا بس ان في هنا مدربة شاطرة وجميلة بس لسانها عايز قصه فأنا جيت أقصه بس، حتى جيبت المقص معايا أهو.

  ويخرج مقص أظافر من جيبه؛ فتنظر له مريم بغيظ: هو حد كان قالك انك ظريف قبل كدة؟!

  • كتيــــــــر.
  • طب كفاية ظرف والنبي لحد كدة أحسن نفسي بتموع!
  • بس كدة؟ انت تأمر يا جميل.. صح كنتي هتنسيني، اتفضلي.

يخرج من حقيبته بطاقة دعوة ويعطيها لها.

  • ايه ده؟
  • دعوة فرح.

تفتحها بقلق ودقات قلبها تتسارع خوفاً، وتنظر سريعاً في أسماء العروسين؛ فتسأله باستغراب: مين دول؟

  • دي أختي وعريسها.

مريم بنبرة وابتسامة تبدو فيها الارتياح: اه طب تمام ألف مبروك.

  • ايه افتكرتيها دعوة فرحي؟
  • عادي يعني.
  • خفتي أتجوز واحدة تانية؟

مريم وهي تحاول أن تداري ارتباكها بأن تلملم الأغراض على المكتب: ليه هو في واحدة أولانية؟

  • احنا هنعد نلف وندور على بعض كدة كتير؟!
  • إزاي يعني؟ مش فاهمة انت تقصد ايه!
  • لا انت فاهمة بس بتستعبطي!
  • يعني انت عايز ايه؟!
  • عايز اتقدم لك.
  • ليه؟
  • هو ايه اللي ليه؟! معجب بيكي هيكون ليه يعني؟!
  • وده بمناسبة ايه؟ بمناسبة تارت الشكولاته اللي حشيته في بوقي على قطمة واحدة وأنا ببرطم، ولا بمناسبة اني كنت فاكراك خاطف ابن اختك وخطفته منك، ولا بمناسبة اني كنت هخلي الراجل الغريب ده يقتلنا احنا الاتنين عشان أفهمه ان الميت مبيصحاش تاني؟!
  • بمناسبة انك مجنونة وجدعة، بمناسبة انك شمحطية ورقيقة في نفس الوقت، بمناسبة ان فيكي كل حاجة، الجنان والعقل، الأنوثة والجدعنة، الخجل والجرأة، الجمال والرقة، فيكي كل حاجة ومش ناقصك أي حاجة، وليكي انت أول مرة قلبي دق.

تنظر مريم بخجل إلى الأرض وهي تبتسم قائلة: لا والله ده انت بتقول شعر كمان يعني!

يركع مدحت على رجل واحدة ماداً يده إليها قائلاً: تقبلي تتجوزيني؟

مريم وهي متفاجئة وملامحها يبدو عليها الذهول المختلط بفرحة وخوف: أنت مجنون؟! قوم أحسن حد يشوفنا كدة تبقى مشكلة.

  • مش قايم غير لما تردي عليا.
  • بطل جنان وقوم بقى.
  • خلاص خليكي انت حرة.
  • طب ماشي ماشي.
  • ماشي ايه؟
  • موافقة.
  • موافقة علي ايه؟
  • موافقة اتجوزك.
  • لا مش سامع.

مريم بصوت أعلى: موافقة اتجوزك.

    وفي هذه اللحظة يدخل زملائها في المكتب يرشون عليهم الورود والزينة، وتفهم أنه كان متفقاً معهم، فتنظر له بابتسامة تعلو وجهها؛ لتبدأ فصول قصتهما، تعلن بداية الحب الذي انتظرته مريم طويلاً، والزواج الذي حلمت به أمها كثيراً.

الإعلان

يوميات بنوتة مصرية (28): خبطتين في الراس تشغل

      بينما مريم تشرح أحد المحاضرات في الكورس الذي تقدمه في مكان عملها، إذا باحدى الطالبات تسقط مغشياً عليها، فيتجمهر الطلاب محاولين افاقتها، ويطلبوا لها الإسعاف، وتذهب معها مريم إلى المستشفى، وتنتظرها في الخارج وهي في غرفة الكشف، وإذا بذاك الشاب الذي تشاجرت معه بالأمس في الشارع ماراً من أمامها مرتدياً بالطو الأطباء.

    الشاب: انت تاني؟! ايه فتحتي دماغ حد النهاردة؟

     مريم وهي تلوي بوزها: ههههه ظريف أوي حضرتك، وانت ايه بتسيق المكان هنا ولا ايه؟

     ينظر إليها شزراً قائلاً: اه فعلاً أصل اللي بيسيقوا اليومين دول بيلبسوا بالطو أبيض، تعليم مجاني معلش نعمل ايه بقى!

  • ده على أساس أنك خريج أكسفورد مثلاً، وتلاقيك لاطش البالطو من الدكاترة أصلاً وانت بتاخدهم فمين غسيل.
  • ما تلمي لسانك بقى أنا عامل اعتبار انك بنت لحد دلوقتي ومش عايز اتغابى عليكي.

   تضع يدها على رأسها موضع ضربة البرميل بالأمس قائلة: وانت كل ده ومتغابتش؟!

  • يعني المفروض كنت أعملك ايه؟! أسيب لك الواد تخطفيه؟!
  • أنا اللي كنت هخطفه؟!
  • لا أنا اللي هخطفه، أصل في حد بيخطف ابن اخته برضه!
  • بتحصل عادي، وبعدين انت لو كنت بتكلمه كويس زي الناس الطبيعيين مكنتش شكيت فيك!
  • زي الناس الطبيعيين ده اللي هو إزاي؟ أكونش كنت ماسك له الفلكة وأنا مش واخد بالي؟!
  • لا بس في أسلوب تفاهم راقي عن كدة، تاخده في حضنك وتفهمه مش هو يبقى زعلان على مامته وانت تخوفه انك هترميه تحت العربية!

    وفي تلك اللحظة دخل رجل يرتدي جلباباً مريب الشكل ويحمل آخراً مطعوناً بسكين في قلبه، ويوجه كلامه للطبيب: الحقنا يا دكتور فوقه بسرعة.

  • أفندم؟! حضرتك ده مطعون بالسكينة في قلبه ده مات خلاص!

الرجل بصوت جهوري: هو ايه ده اللي مات أنا بقولك تفوقه يعني تفوقه حالاً أمال انت دكتور بتعمل ايه؟!

  • حضرتك أنا دكتور مش اله عشان أحيي الأموات!
  • مفيش أموات هنا انت اللي هتبقى من الأموات لو مفوقتوش حالاً.

   الطبيب الشاب وهو ينظر بخبث تجاه مريم: بس كدة حضرتك ممكن تتفاهم مع الآنسة دي وهي تفهمك كل حاجة.

  موجهاً كلامه لمريم: انت مش بتحبي التفاهم؟! اتفضلي اتفاهمي معاه وفهميه.

   نظرت له شزراً ووجهت كلامها للرجل: حضرتك الدكتور مهمته أنه يعالج المريض وهو اللي يقدر يعرف إذا كان اللي قدامه ده مريض ولا ميت ولو ميت هو ميقدرش يعمله حاجة ويرجعه للحياة تاني مثلاً!

    يسحب الرجل السكين من قلب صاحبه ويوجهها لمريم قائلاً: بقولك ايه أنا الكلام ده ميخشش زمتي بتلاتة أبيض انتم هتفوقوه يعني هتفوقوه!

    خافت مريم واحتمت خلف ظهر الطبيب متشبثة بذراعه، وصاح هو بدوره على أمن المشفى.

    الرجل: انتم فاكرين انكم كدة بتهددوني يعني؟!

   وأشاح الرجل يده بالسكين؛ فأمسكها الطبيب بيده، وفي تلك اللحظة أتى ظباط الأمن وأمسكوا به وأخذوه معهم ليسلموه للشرطة، وظلت مريم ترقبهم وهي متشبثة بذراع الطبيب.

    الطبيب هامساً وهو ينظر إليها خلفه: مشيوا على فكرة.

    مريم وهي واجمة: اه.

  • طب ايه؟
  • ايه؟
  • لوعجباكي ممكن تاخديها معاكي البيت عادي يعني.

    مريم باستغراب: هي ايه؟

  • دراعي!
  • أوه سوري، أنا آسفة مخدتش بالي.
  • لا عادي والله اتفضليها.

مريم تنظر بخجل إلى الأرض.

  • إيه ده ده طلع في ملامح أنوثة أهي وبنتكسف وحركات.

تنظر له شزراً.

  • لا والنبي متتحوليش تاني اثبتي ع كدة.

تضحك بخجل.

  • والله ضحكتك حلوة خليكي على كدة بقى وبلاش ترجعي عم غضنفر تاني.
  • وهو أنا ايه اللي بيخليني أتحول غير المستنقع اللي احنا عايشين فيه ده؟!
  • خلاص تحولي مع المستنقع وابقي طبيعية برة المستنقع!
  • وأنا هعرفهم منين؟! بيتكتب على قفاهم مثلاً!
  • بالفراسة، ايه معندكيش فراسة خالص؟!
  • لا عندي كراسة تنفع؟ 😛
  • يا حلاوتك، وكمان بتألشي، بس ألش رخيص ده ع فكرة 😛 المهم متعرفناش صح.
  • مهندسة مريم.
  • دكتور مدحت، بس احنا نشيل الألقاب بقى، يعني أنا أقولك يا مريم وانت تقوليلي يا دكتور مدحت ع طول كدة.
  • ههههههههههههه قديمة أوي ع فكرة.
  • زي الألش الرخيص بتاعك بالظبط 😛 ، المهم نكمل تعارف بقى، مهندسة فين؟
  • في مركز جرافيك في المعادي.
  • اه يعني مبتشتغليش في البنا والعماير وكدة؟
  • والله حاولت كتير وقدمت في شركات كتير، بس مفيش فايدة كلهم عايزين شباب بس، فاكر أول مرة اتقابلنا فيها؟
  • وهي دي حاجة تتنسي؟!
  • أهو أنا يومها كنت لافة على كذة شركة وكلهم ادوني استمارة ستة بس لمجرد اني بنت، عشان كدة مكنتش طايقة نفسي حتى!
  • اه طبعاً فلازم تطلعي غلك على الغلابة اللي زي حالاتي.
  • معلش بقى هي جت فيك، وبعدين يعني هي حبكت معاك من كل المحل الحتة اللي في ايدي؟!
  • لا طبعاً محبكتش، هو كان مجرد جر كلام بس.
  • أفندم؟!
  • آآآآآآآ لا ولا حاجة عادي يعني.
  • طيب.
  • طب أنا ورايا شغل بقى وكدة، كان نفسي أعد أو أقف يعني معاكي أكتر من كدة بس للأسف!
  • لا فاهمة طبعاً أكيد اتفضل حضرتك.
  • طب ايه هنتقابل تاني امتى؟
  • مع أول مصيبة ان شاء الله 😛
  • بتكلم جد أنا.
  • سيبها بظروفها، لو لينا نصيب تاني هنتقابل.
  • طب انت عندك فيس بوك؟
  • اه أكيد.
  • طب ممكن أضيفك؟
  • اه تمام أوك.

أحلام البنات في زمن القاضيات

واحدة تتمنى الحصول على وظيفة.. وأخرى تحلم بالعريس!
تحقيق: سارة الليثي
مع مرور الزمن تطورت الحياة، واختلفت العادات والتقاليد، وخرجت المرأة إلى العمل ومزاولة أنشطة الحياة المختلفة، ووصلت إلى مناصب قيادية عالية؛ فأصبحت وزيرة وقاضية ومأذونة، فهل كان لهذه التغيرات أثر على أحلام الفتيات وأمنياتهم أم أنها لا زالت تنحصر في الزواج والأمومة؟ التحقيق التالي يلقي الضوء على هذه الأحلام:

 

أنا مشهورة

تقول “مي عبد الحفيظ” موظفة بالجامعة وحاصلة على ليسانس آداب اعلام: أحلم أن أكون مذيعة مشهورة يتحدث عنها الناس، واقدم برامج مشهورة ومفيدة تخدم البلد وتقضي على الظواهر الفاسدة، وأيضاً أن أصبح صحفية مشهورة، مثل: أنيس منصور، ومحمد التابعي، وصلاح منتصر.

وتضيف “خلود عبد القادر” معيدة بقسم الآثار الإسلامية بكلية الآداب: أحلم أن يكون لي مستقبل باهر في الحياة، وأكون مشهورة في مجال عملي، وأتمنى من الله سبحانه وتعالى أن يهديني إلى الطريق الصواب طوال حياتي، وأن أفعل ما يفيد بلدي.

وتحلم “آية حمدي مصطفى” حاصلة على ليسانس آداب اجتماع أن تصبح سيدة مجتمع وسيدة أعمال مشهورة، ويحبها الناس حباً حقيقياً.

أحلام متكاملة

تقول “ولاء أحمد” محاسبة: اتمنى أن أربي أبنائي تربية حسنة يشهد لي بها بعد مماتي، وكذلك أستمر في عملي بالبنك حتى أصل إلى درجة المدير قبل بلوغي سن الخامسة والثلاثين.

وتضيف “علياء عبد القادر” موظفة بالمحكمة: أتمنى أن أحقق نجاحاً باهراً في وظيفتي، وأن أكون أسرة صالحة.
وتحلم “دينا عبد المنعم الجهيني” أخصائية اجتماعية بأحد المدارس الخاصة: أن تعمل بمجال الإعلام، وتحقق ذاتها فيه، وأن يكون شريك حياتها إنساناً ملتزماً ومحترماً ويستطيع احتوائها وتفهمها وتقدير رغبتها في الحرية.

وتقول “جهاد المصري” طالبة بكلية الزراعة قسم الأراضي: أحلم أن أتخرج من الكلية بتقدير عالي، وأحصل على وظيفة في تخصصي، وأنجح في عملي وأفيد المجتمع، ثم أكون أسرة صالحة وأنجب ذرية صالحة تنفع الأمة والمجتمع والإسلام.

أحلام مع الله

تقول “هبة علي” موظفة في شركة بترول: أحلم أن أكون نموذجاً صالحاً للمسلمات في كل شيء، وأحفظ القرآن الكريم كاملاً، كما أحلم بتكوين أسرة صالحة، ويكون من أولادي رجل يحرر القدس وبنت ترفع راية الحجاب.

وتضيف “هبة الله مصطفى” طالبة بكلية الحقوق: أتمنى أن ألتحق بمعهد إعداد الدعاة وأصبح داعية إسلامية وأنفع الإسلام والمجتمع، وأتزوج إنساناً صالحاً، أنجب منه فتى أربيه مثل الخلفاء الراشدين و”صلاح الدين الأيوبي”؛ حتى يحرر الأقصى ويعيده للمسلمين.

أحلام وطنية

تقول “تيسير مصطفى” موظفة علاقات عامة بالجامعة: أحلم أن أكون إنسانة ناجحة أخدم الناس والمجتمع، وأتمنى أن يسود السلام العالم، وتفعل الوحدة العربية، وأن أرى بلدي من البلاد المتقدمة.

وتضيف “زينب صالح” طالبة بقسم الإعلام بكلية الآداب: أتمنى أن أكون إنسانة مجتهدة في عملي، وأساعد الناس، وأغير سلبيات المجتمع، وأتمنى أن يحب الناس بعضهم بعضاً، ويحبوا عملهم ويخلصوا فيه، وأيضاً أحلم بتحرير كل الدول العربية والإسلامية، وأن يتقدم العرب ويلحقوا بالدول الغربية.

أحلم بفارس

تقول “أمنية حمدي” طالبة بقسم الاجتماع بكلية الآداب: أمنيتي أن يوفقني الله ويجمعني مع من يحبني ويصونني، وأعيش حياة كريمة بدون مشاكل مع فارس أحلامي.

يوميات بنوتة مصرية (27): محاولة إنقاذ

   في الشارع كانت تسير مريم تطالع واجهات المحلات حين مر رجل وبصحبته طفل، ووصل إلى مسامع مريم الحوار الدائر بينهما:

  • انت من الصبح مطلع عيني وعمال تزن أسكت بقى بدل ما أرميك تحت أي عربية وأخلص منك، أنا عارف انتم أهاليكم بيخلفوكوا ليه أصلاً؟! أنا لو أطول أخلص على كل العيال الغلسة الزنانة اللي زيك من على وش الكرة الأرضية.

الطفل ببكاء: ماليش دعوة أنا عايز أرجع لماما.

  • ما تسكت بقى يا زفت قلت مفيش ماما دلوقتي.

   مريم محدثة نفسها: يا لهوي ده باين عليه خاطف الواد من أمه! أنا لازم اتصرف قبل الواد ما يضيع.

   تسللت مريم إلى جوارهما وحملت الطفل سريعاً وانطلقت تجري به في الشارع.

    الرجل: يا نهار أسود، الواد اتخطف!

وانطلق يجري خلفها.

الطفل ببكاء ومريم تحمله: أنا عايز أروح لماما…

مريم وهي تلهث: متخافش يا حبيبي أنا هرجعك لماما.

     يجد الشاب برميلاً فارغاً ملقى في الشارع؛ فيمسك به ويقذفه على مريم؛ ليصيب رأسها؛ فتسقط على الأرض مغشياً عليها، ويتجمع الناس حولهم.

   أحد المتجمهرين: ايه يا أستاذ اللي أنت عملته ده؟!

   الشاب: ايه؟! كانت هتخطف الواد أسيبهولها يعني؟! موجهاً كلامه للطفل: انت كويس يا حبيبي؟

   الطفل: أيوة يا خالو، بس أنا عايز أرجع لماما بقى.

   يحضنه قائلاً: حاضر يا حبيبي هنرجع لماما.

   يُفيق المتجمهرين مريم ويمسكوا بها قائلين: بقى انت كنت عايزة تخطفي الواد يا مجرمة يا حرامية يا خطافة العيال؟!

   مريم: أخطف مين؟! ده الراجل ده هو اللي خاطفه وكان بيقوله انه هيرميه تحت العربية ومش هيرجعه لأمه تاني!

   ينظر إليها الشاب شزراً ويهم بالكلام ولكنه يتذكرها قائلاً: ايه ده مش انت البت المجنونة اللي قابلتها في محل الحلويات الأسبوع اللي فات؟! هو كان باين عليكي انك مجنونة فعلاً ولازم تعملي كدة، ده ابن أختي يا هانم وهي بتولد في المستشفى وأنا اخدته عشان كان عمال يعيط وعايز يدخل عليها الأوضة وهي في العمليات، وعادي كلمتين بقولهم له وأنا متنرفز عليه خلاص كدة بقيت خاطفه؟!

   مريم: هو في حد يكلم طفل بالطريقة دي وكمان في الشارع عشان الناس تسمعه وتشك فيه انت مش شايف حالات الخطف عاملة تزيد ازاي؟! موجهة كلامها للطفل: حبيبي قول الحقيقة ومتخافش الراجل ده خالك بجد ولا خاطفك؟

     يختبئ الطفل خلف خاله قائلاً:مالها الست المجنونة دي يا خالو؟!

  • معلش يا حبيبي مجنونة بقى، ليس على المجنون حرج.

مريم: مين دي اللي مجنونة؟! ما تحترم نفسك يا عم انت!

  • أحترم نفسي؟! طب يلا يا ماما من هنا بدل ما أعملك قضية تنيمك ع البورش النهاردة.

   احمرت عينا مريم غضباً وأوشكت أن تمسك بخناقه لولا تدخل المتجمهرين: ما تصلوا على النبي يا جماعة.

  • يلا حصل خير كان سوء تفاهم وراح لحاله.
  • ما يصحش تمسكوا في خناق بعض في الشارع كدة.
  • يلا كل واحد فيكم يروح على بيته كفاية لمة وتعطيل مصالح لحد كدة!

   ينظر كل منهما للآخر شزراً ويديرا ظهرهما لبعض كل منهما متوجه في طريقه.

يوميات بنوتة مصرية (26): محاولة اختطاف

   مريم تتابع أحد البرامج الإخبارية في التلفزيون، حيث كان المذيع يسأل احدى المواطنات قائلاً: انت عرفتي إزاي انه كان هيخطف الولد؟

  • أنا شفت الولد وهو طالع الأتوبيس مع مامته، كنت راكبة من المحطة اللي قبلهم ومكنش معاهم حد فجأة لقيت الراجل ده شايله ونازل بيه وبيقول للسواق وقف على جنب يا أسطى، ببص ورايا على أم الواد لقيتها نايمة بطريقة مش طبيعية زي ما تكون متبنجة ومش حاسة بالدنيا، قلت للراجل أنت واخد الواد ورايح بيه على فين، قالي أيه ابني وخارج بيه انت مالك؟! قلتله انت كداب أنا شايفاه وهو طالع الأتوبيس من المحطة اللي فاتت مع أمه اللي متخدرة هناك دي ومكنش معاهم حد، قام الراكب ابتدوا يتلموا علينا وناس حاولوا يفوقوها مكنتش بتصحى معاهم واتأكدوا ان في حاجة مش طبيعية، حاول يسيب الواد ويهرب بس الركاب اتلموا عليه ضربوه وسلموه للبوليس.

 مريم: يا لهوي هي الدنيا بقت وحشة أوي كدة ليه؟! يعني اللي عندها عيال تحبسهم في البيت ومتطلعهمش منه أحسن يتخطفوا ولا تعمل ايه يعني؟!

مروة: اتجوزي وخلفي انت بس ومالكيش دعوة، أنا همشي أحرسهم لك في كل حتة.

  • تحرسي مين؟ انت مش شايفة؟! ما هو الواد كان مع أمه وكان هيتخطف برضه وهي ولا حاسة لولا الست الجدعة دي كان زمان الواد في خبر كان دلوقتي، متقطع بقا ولا متباع ولا أي حاجة، وولا كانت هتعرف توصله في عمرها كله!
  • الحارس الله، اتكلي على الله انت بس ومتشليش هم ربنا هيحرسهم لك.
  • هم مين اللي ربنا هيحرسهم لي؟!
  • ولادك.
  • ولادي اللي أنا لسة متجوزتش أصلاً عشان أجيبهم؟! انت ليه يا ماما مصرة انك تحوري كل موضوع في الدنيا بحيث انه يلف ويجي لنفس النقطة؟!
  • يمكن تحسي وتخلي عندك دم.
  • أحس وأخلي عندي دم أعمل ايه يعني؟! أنزل أدلل على نفسي في الشوارع ولا أتجوز أي واحد والسلام وأنا عارفة اني مش هكون مبسوطة معاه عشان يبقى اسمي اتجوزت وخلاص؟!
  • لا تدي نفسك فرصة تعرفي أصلاً إذا كنت هتبقي مبسوطة معاه ولا لا.
  • طب يا ماما حاضر إن شاء الله.
  • يعني أكلم خالتك أقولها تجيب العريس اللي قالت عليه؟
  • أوبس ده ميعاد الكورس جه، يلا يا ماما سلام بسرعة عشان يدوبك ألحق.
  • أيوة اهربي اهربي ما هو ده اللي باخده منك دايماً.

تقبلها وهي ذاهبة: وأنا أقدر أهرب منك يا جميل انت؟! عشان كدة أنا قاعدة معاكي ع طول 😛

  • لا أنا عايزاكي تهربي، بس اهربي مع عريسك.
  • هيحصل إن شاء الله يا ماما، بس دعواتك اني ألاقي اللي يسعدني ويفهمني مش أي عريس والسلام.
  • وده هنلاقيه فين إن شاء الله؟! إذا كنت أنا اللي مخلفاكي من بطني لحد النهاردة مش قادرة أفهمك هلاقي مين تاني يفهمك؟!
  • انت مخلفاني فالدم واحد لكن مش شرط تكون الروح واحدة، روحي ليها نص تاني أكيد بس لسة ملقتهوش.
  • ربنا يعترك فيه يا اختي بسرعة بقى ونخلص.
  • إن شاء الله يا جميل انت، يلا مع السلامة بقى يا مرمر.
  • سلام يا قلب مرمر.

يوميات بنوتة مصرية (25): الجيم

مريم وراندا يتمشيان سوياً في الشارع ويتأملان المحلات التجارية:

راندا: بصي الفستان التحفة ده.

مريم: ده مش للي زينا يا حبيبتي ده يدوبك يدخل في دراعك.

  • أنت مش طلعتي بنت ناس وسمعتي كلامي في موضوع الدايت والغذاء الصحي ده.
  • لا يا حبيبتي أنا قلت هعمل دايت اخس شوية بس انما جو أكل صحي ومعرفش ايه استمر عليه طول حياتي الكلام ده ميمشيش معايا!
  • تمام ما علينا، ما انت لما هتخسي عموماً هتقدري تلبسي اللي انت عايزاه.
  • أنا هخس مش هنقرض، وبعدين الموضوع لسة بدري عليه ده أنا يدوب بقول يا هادي وجايز ميهدنيش!
  • لا ان شاء الله هيهديكي بس انت اصدقي النية بس.
  • ناوية والله وأدينا هنشوف.
  • طب ما تيجي معايا الجيم؟
  • جيم ايه وبتاع ايه انت التانية؟!
  • ما هو دايت لوحده مينفعش لازم تلعبي رياضة حتى عشان تخسي بصحة.
  • أنا عمري ما رحت جيم قبل كدة.
  • ما كل حاجة ليها مرة أولى.
  • طب يا اختي لما نشوف آخرتها معاكي.

………………………………………………….

مريم وراندا في الجيم:

راندا: أعرفك يا مريم على الكابتن ميرفت اللي هتدربنا، كابتن ميرفت دي مريم صاحبتي أول يوم ليها معانا هنا.

  نظرت مريم إلى كابتن ميرفت تلك فوجدتها سيدة بدينة تزن ما يقرب من أربعة من حجم مريم؛ فابتلعت ريقها بصعوبة وهي تهمس في سرها: وهتكون الأخيرة إن شاء الله.

ميرفت: اهلاً بيكي يا مريم ان شاء الله تتبسطي معانا.

مريم وهي لم تفق من هول الصدمة بعد: إن شاء الله.

انفردت مريم براندا وسألتها باستنكار: هي دي المدربة اللي هتدربنا عشان نوصل لحلم الرشاقة؟!

راندا: لا هي مش المدربة الأصلية دي أختها أصل المدربة الأساسية حامل وبتولد دلوقتي.

  • أيوة يعني أنا مالي إذا كانت المدربة حامل وبتولد ولا حامل ومبتولدش!
  • قصدي يعني انها مدربة احتياطي كدة بس عشان المكان ميقفلش.
  • وتلاقي أختها دي أضرب منها أصلاً!
  • لا لا خالص دي مدربة جامدة جداً واشتغلت برة كتير في أمريكا ودبي وقطر.
  • اسم الله يا اختي ولما هي واصلة أوي كدة إيه اللي رجعها تاني حست ان البلد بتناديها والواجب الوطني يحتم عليها انها تفتح جيم في بلدها عشان تساهم في انقاذ صحة فتيات الوطن من الانهيار!
  • هو انت كل حاجة لازم تتريقي عليها وخلاص؟!
  • يا ستي مش بتريق بس أصل كل ده مش كلام مقنع، يعني مش منطقي ان عشان هي تعبانة تنزل أختها دي بدالها بدل ما تعين مساعدين ليها يكونوا بيفهموا في الشغل عشان توفر أجرتهم، ما هي كدة هتضرب سمعة المكان أصلاً!
  • يعني انت عايزة ايه دلوقتي؟!
  • عايزة أمشي من هنا عشان أنا اتخنقت خلاص!
  • طب ما تستني وتحضري، جربي يمكن تستفيدي مش هتخسري حاجة يعني!
  • اللهم طولك يا روح، حاضر، لما نشوف آخرتها إيه معاكي.

………………………………..

     بدأ التمرين، فجلست الكابتن ميرفت على كرسيها لتملي على المتدربات ما يقمن به: انت ياللي هناك شيفاكي … متغشيش في العد يا رانيا .. أنا شيفاكم كلكم وواخدة بالي منكم واحدة واحدة اللي هتستعبط هي حرة.

   ظلت مريم في مكانها مذهولة مما تراه وهي تشعر أنها في فصل حضانة والميس تملي عليهم تعليماتها، الأدهى أنها لم تكن تعلم ما يتوجب عليها فعله ولم تحاول تلك الكابتن ارشادها لأي شيء، وعندما نبهتها احدى المتدربات لذلك بطريقة فصل الحضانة أيضاً: أشمعنى الأنسة دي مبتعملش حاجة وانت مبتكلميهاش؟!

  • معلش أصلها جديدة ولسة متعرفش تعمل حاجة لما تعد معاكم هتتعلم.

مريم في سرها: لا والله العظيم؟! وانت ايه شغلانتك بالظبط؟!

………………………………..

على مائدة العشاء:

مروة: ايه ده كله يا بنتي انت مش عاملة دايت؟!

مريم: هو أنا أعمل دايت مش عاجب معملش دايت برضه مش عاجب؟!

مصطفى: ما هو انت مبتكمليش في حاجة أبداً، كل يومين تقولي أنا هعمل دايت وأخر اليوم ترجعي تدبيها تاني أكتر من الأول!

  • بلا دايت بلا زفت يعني هم اللي عملوا دايت خدوا ايه المهم الواحد ياخد باله من صحته ويمتع نفسه في نفس الوقت بلا وجع دماغ.

مروان: أيوة لغي لغي هو ده اللي انت فالحة فيه.

تنظر له مريم شذراً قائلة: اتلم يلا.

منير: بألف هنا وشفا يا حبيبتي.

الله يهنيك يا بابا يا حبيبي انت اللي جابر بخاطري في البيت ده.

يوميات بنوتة مصرية (24): دايت

“مريم” مع صديقاتها في أحد المطاعم ويطلبون الطعام من الجرسون:

مريم: معلش لو سمحت عايزين البيبسي دايت من فضلك.

راندا بسخرية: أيوة هو ده المهم البيبسي لازم يكون دايت بغض النظر عن اننا هناكل حجات مقلية في الزيت والسمنة لما قايلة يا بس وفينو وبطاطس مقلية وكلها سعرات تكفينا شهر قدام بس أهم حاجة ان البيبسي تكون دايت.

مريم: يعني هو يبقى ده وده كمان، أهو نص العمى ولا العمى كله!

راندا: طب ما تيجي نفتح أحسن.

إسراء: نفتح إزاي يعني؟!

  • يعني نعمل دايت بجد وناكل أكل صحي بجد بدل ما احنا قاعدين نضحك على نفسنا كدة وفي الآخر احنا ولا بنخس ولا بنتهبب أحنا قاعدين نفشول أكتر لحد ما هنفرقع زي البالونة عن قريب إن شاء الله.
  • ما كل مرة واحدة فينا تقول انها هتعمل دايت ومش عارف ايه وهم يومين تلاتة وترجع في كلامها ولو كملت بعد ما تخلص بترجع تطخن أكتر من الأول.
  • أولاً ده لان كل واحدة كانت بتعمل دايت لوحدها ومحدش بيشجعها انما أنا بقول نعمل مع بعض ونتابع بعض فيكون عندنا ارادة نكمل ونستمر، ثانياً أنا مش عايزة نعمل دايت اسبوعين تلاتة ولا شهر حتى وبعد كدة نرجع تاني كأنك يا أبو زيد ما غزيت ونرجع ناكل أكتر من الأول أنا عايزة نغير نظام حياتنا وأكلنا كله لنظام صحي نمشي عليه طول حياتنا.
  • ونبطل ناكل ماكدونالز وكنتاكي؟!
  • ونبطل نشرب بيبسي وكولا!
  • ومنطبخش بزيت وسمنة طول حياتنا!
  • ومنحطش ملح وسكر في الأكل!
  • لا ياعم ملناش فيه الكلام ده.
  • خلينا بفشولتنا كدة أحسن، نموت شبعانيين ولا نعيش جعانيين 😛
  • عالم محبطة وربنا أنا غلطانة اني بتكلم معاكم أصلاً.

وفي هذه اللحظة أتى الجرسون بالطعام فهجموا عليه معاً.

……………………………………………

   مريم بغرفتها في المنزل تقف أمام المرآة تتأمل جسدها وتكلم نفسها: هي البت راندا معاها حق بصراحة بس مش لازم الواحد يأفور أوي برضه، يعني أنا أعمل دايت حلو أخس بيه كام كيلو وبعد كدة أخد بالي من نفسي ومن الكميات اللي باكلها من غير ما أحرم نفسي من حاجة، والعب رياضة كويس وامشي كتير…. تمام أنا هبدأ من النهاردة.

…………………………………..

في غرفة السفرة تنهض مريم سريعاً من كرسيها بعد أن تناولت لقيمات قليلة:

مروة: ايه يا بنتي انت مكلتيش حاجة!

  • معلش يا ماما أصلي عاملة دايت.
  • دايت ايه يا أم دايت؟ ماله جسمك ما هو حلو وزي الفل الرجالة بتحب الستات المقلوزة عايزة تبقى عاملة زي عصاية المقشة محدش يعرف لك وش من قفا!
  • رجالة ايه وقلوزة ايه ومقشة ايه؟! هو انت دايماً مفيش في دماغك غير المواضيع دي؟! كل حاجة لازم يكون آخرها راجل؟! وبعدين التخن ده مضر بالصحة هينفعني بايه الراجل وأنا مش لاقية صحتي؟!
  • حوشي يا بت التخن اللي انت فيه اللحمة عمالة تقع منك اهي من كتر التخن الحقيها والنبي!

مريم بنفاذ صبر: مع السلامة يا ماما أنا رايحة الشغل.

  • سلامتك معاكي يا اختي اهو انت كدة دايماً متعرفيش تردي تقومي تهربي.
  • سلامو عليكم.

…………………………………..

   في المركز التدريبي مقر عمل مريم تأتي احدى زميلاتها بقالب كيك وزجاجات مياة غازية احتفالاً باعلان خطبتها وتوزع على الجميع:

مريم في سرها: يعني احنا بقالنا شهور وشنا في وش بعض مفتكرتش تتخطب غير النهاردة ما كان قدامها السنة كلها حبكت النهاردة ايه الظلم ده؟!

  تقدم زميلتها لها من الكيك والمياة الغازية: اتفضلي يا مريم عقبالك يا حبيبتي.

  • ربنا يخليكي، بس معلش والله عاملة دايت.
  • دايت ايه؟ ما انت لسة امبارح واكلة معانا من كنتاكي ومقربعة لتر حاجة ساقعة لوحدك!
  • اه ما النهاردة أول يوم.
  • لا يا شيخة وحبكت النهاردة يعني؟ خلاص أجليها لبكرة يعني مش هتفرق!
  • ما انت عارفة مبدأي: لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد، ولو ابتديتها بالتأجيل هأجل كل يوم ما أكيد كل يوم هتطلع لي حاجة شكل تخليني أأجل!
  • طب خدي حتة صغيرة مش دي اللي هتبوظلك الدايت يعني!

   مدت مريم يدها وأخذت قطمة صغيرة من الكيك؛ فنظرت لها زميلتها باستنكار: يا سلام؟! مش للدرجة دي يعني!

  • خلاص أنا بس اخدتها عشان مكسفكيش.
  • طب خدي اشربي الحاجة الساقعة.
  • معلش بس أصلها مش دايت.
  • انت أوفر أوي على فكرة.
  • معلش بس نص النجاح في الارادة والتصميم.
  • طب يا ام ارادة وتصميم.

المجتمع المصرى وهوس الموبايلات

تحقيق: سارة الليثي
في عصر التكنولوجيا تحول المجتمع المصري إلى مجتمع استهلاكي من الدرجة الأولى لهذه التكنولوجيا فهو لا ينتج منها شيئاً، ومن مظاهر ذلك الاستهلاك الجنوني هوس المجتمع بامتلاك الموبايلات، فنرى الشخص الواحد يمتلك أكثر من موبايل، ويغيره كل فترة عند ظهور النوع الأفضل حتى وإن كان لا يحتاج الكماليات التى يمتاز بها النوع الجديد … فما أسباب هذا الهوس بامتلاك الموبايلات؟ وإلى أى مدى يتحمل دخل المواطن المصري العادي نفقات مثل هذا الترف المبالغ فيه؟ أسئلة يجيب عنها التحقيق التالي:

  • الجمهور: نغير موبايلاتنا كل فترة من باب التجديد والترفيه فقط.
  • علماء النفس: الدافع لامتلاك أكثر من موبايل هو حب الظهور.
  • علماء الاقتصاد: يُنفق فى مصر ما يزيد عن 60 مليون جنية يومياً على الموبايلات والتدخين.

Untitled-1

 

رأى الجمهور

 

  • تقول “تيسير مصطفى شوقي” ليسانس آداب: امتلك موبايل واحد فقط، وأحب أن أغيره للأفضل كل فترة من باب الترفيه ولكن أحياناً تكون الظروف المادية غير مناسبة.
  • وتضيف “راندا محمد” ربة منزل أنها تمتلك ثلاث موبايلات وتغيرهم كل فترة كبيرة وذلك لمللها منه أو تعطله بعد فترة، وتعلل امتلاكها لعدة موبايلات في وقت واحد بملكيتها لثلاث خطوط وذلك لتوفير مكالمات كل خط بخط مثله، وتؤكد أن دخلها يكفى لتحمل نفقات هذه الهواتف.
  • بينما تؤكد “خلود عبد القادر” معيدة بكلية الآداب أنها لا تملك سوى موبايل واحد ولكنها تميل إلى تغييره للأحدث كل فترة فدخلها لا يكفى للإنفاق على أكثر من موبايل.
  • ويشير “محمد خالد” طالب بكلية الهندسة أنه يملك موبايل واحد، ولكنه يغيره كل فترة قبل أن يعطل منه، ويرى أن امتلاك بعض الأفراد لأكثر من موبايل وتغييره كل فترة دون سبب هو حرية شخصية ما دام لا يضر أحد ومعه ما يكفى لينفق على هذا الترف.
  • وتضيف “تقى ممدوح” طالبة جامعية أنها تمتلك موبايلين وذلك عن طريق الصدفة حيث أنهم أهدوا إليها ولم تكن تخطط لامتلاك أكثر من هاتف وهى لا تغيرهم إذا ما ظهر موبايل أفضل منهم، ويكفى دخلها للإنفاق على هذين الهاتفين.
  • وتقول “أمل محمد” مدخلة بيانات حاسب آلى أنها تمتلك أربع موبايلات ولكنها لا تستعمل سوى واحد فقط لأنهم لم يصبحوا صالحين للاستعمال ولكنها لا تفضل التخلص منهم ربما تحتاج لهم فيما بعد، وتضيف أنها تغير موبايلها كل فترة للنوع الأعلى صوتاً، وتؤكد أن دخلها لا يكفى لتحمل نفقات أكثر من موبايل.
  • ويضيف “ممدوح أحمد” معلم أول تربية زراعية بالمعاش: لدي تليفون محمول واحد فقط ولا أغيره طالما لم يخرب، ويرى أن تغيير الموبايلات كل فترة دون سبب وجيه وكذلك امتلاك أكثر من موبايل فى وقت واحد هى رفاهية زائدة لا داعى لها حيث أن المحمول يؤدى وظيفة الاتصال وليس للتباهى والتفاخر.

 

رأي علم النفس

 

  • يقول الأستاذ “محمد عبد العظيم” مدرس مساعد الصحة النفسية بكلية التربية جامعة أسيوط: ربما تكون العوامل الأساسية وراء اقتناء الهواتف المحمولة هو حب الظهور لدى بعض الأفراد خاصة أن هناك الآن هواتف بأكثر من خط لمن يحتج بأنه يريد أن يوفر عند إجراء مكالماته للخطوط الأخرى مما لا يجعل لديه سبب لاقتناء أكثر من هاتف سوى المنظرة وحب الظهور.
  • ويضيف الأستاذ الدكتور “عبد الرقيب أحمد البحيري” أستاذ علم النفس التربوي بجامعة أسيوط أن الهاتف المحمول هو وسيلة تكنولوجية حديثة لها فوائدها وأضرارها، ويرى أنه من الأفضل عدم استخدامه إلا في الحالات الضرورية فقط عند عدم توافر هاتف أرضي، ولذا فهو يرى أنه من الأفضل امتلاك هاتف محمول واحد فقط لكل شخص حتى لا تتكاتف الضغوط على الشخص من كثرة المكالمات والتي يتولد من خلالها التوتر النفسي، وأرجع السبب في امتلاك بعض الأفراد لأكثر من موبايل إلى أنهم ربما يحتاجوا واحداً لتخصيصه لشئون العمل والآخر للأهل ولكنه مع ذلك لا يرى ضرورة لامتلاك الفرد لأكثر من موبايل.

 

رأي أساتذة الاقتصاد

 

  • يقول الدكتور “أحمد عبد الصبور” مدرس المالية العامة والاقتصاد بجامعة أسيوط: الهاتف المحمول له مميزات عديدة وإن كانت له بعض العيوب، ومن عيوبه سوء استخدامنا له ففي الخارج يستخدموا الهاتف المحمل فقط كوسيلة اتصال ولا يعبئوا بنوع الجهاز وإمكانياته وعروضه، أما هنا في مصر فيهتم الفرد بنوع الجهاز ومميزاته أهم من كونه وسيلة اتصال وذلك للمنظرة، والدليل على ذلك العديد من الأفراد الذين يحملون جهاز أو أكثر به أكثر من خط على الرغم من أن العديد منهم دخله لا يتحمل نفقات هاتف محمول واحد من الأساس لأن الظروف الاقتصادية في مصر لا تسمح بهذا الترف.

وعلى الرغم من أهمية الهواتف المحمولة في حياتنا الحديثة إلا أنه يجب ترشيد استعمالاتنا له، والاكتفاء بجهاز واحد وخط واحد.

  • ويضيف الأستاذ “محمد البربري” مدرس مساعد الاقتصاد بجامعة أسيوط أن هذا الاستهلاك المبالغ فيه للهواتف المحمولة هو أحد مظاهر الإسراف والتبذير في المجتمع على الرغم من أن دخل المواطن العادى في مصر لا يسمح بمثل هذا الإسراف، بل وربما يقتصد بعضهم في ضرورياته لتوفير نفقات هذا البذخ، ولابد من زيادة الوعى بأهمية ترشيد النفقات واستثمار الأموال الفائضة في أشياء هادفة من مشروعات أو صدقات ومساعدة الغير والعمل على رقي المجتمع بدلاً من إهدارها على هذا الترف خاصة وأن الإحصائيات قد أثبتت إنفاق ما يزيد على 60 مليون جنية يومياً فى مصر على الموبايلات والتدخين.

 

يوميات بنوتة مصرية (23): المفاجأة!

في منزل ملك:

ملك لأبنائها: بصوا عايزين نعملها مفاجأة لأبوكم ميشفنيش كدة أول ما يدخل أنا هدخل أستخبى في أوضتنا وانتم استقبلوه عادي كأن مفيش أي حاجة خالص ومتقولوش اني جوة في الأوضة، تمام؟

ابنتها: أوك تمام ماشي لا تكلكي حطي في بطنك بطيخة صيفي.

ابنها: ايوة يا عم الله يسهله.

ملك: ايه طريقة الشوارعية دي احترموا نفسكم خلوا يومكم يعدي على خير النهاردة.

ابنها: ايه انت هتتحولي تاني ولا ايه؟!

ابنتها: لا اثبتي والنبي ع الوش ده لحد الراجل ما يجي يشوفك على الأقل بعدين ابقي ارجعي أمنا الغولة قصدي أمنا اللي اتعودنا عليها تاني براحتك.

ملك تضرب ابنتها على رأسها خفيفاً: ما تلمي نفسك يا بت.

يسمعوا صوت أقدام على السلم.

ملك: يلا بسرعة زي ما اتفقنا.

ابنائها: تمام تمام.

تدخل ملك لغرفتها سريعاً.

يفتح “أحمد” باب الشقة، ويجد طفليه جالسين يتابعون التلفاز؛ فيسلم عليهم، ويسألهم: أمال أمكم فين؟

  • بتنشر الغسيل في البلكونة.

 يدخل “أحمد” غرفة نومهم ويشرع في تغيير ملابسه ويبدأ في فتح أزرار القميص لتقفز “ملك” أمامه فجأة قائلة: حمد الله على السلامة يا حبيبي.

  أغلق “أحمد” أزرار قميصه سريعاً متفاجئاً وصرخ: بسم الله الرحمن الرحيم، ايه ده؟ مين دي يا عيال؟!

أخذ يتفحصها بنظرات شك: الشكل ده مش غريب عليا!

  • أنا مراتك يا حبيبي ايه مش عارفني؟!
  • مراتي مين؟!
  • مش مصدقني بص حتى صورة الفرح وراك أهيه.

ينظر “أحمد” لصورة فرحهما: تصدقي فيها شبه منك فعلاً.

ملك بصوت جهوري وهي تنظر له شذراً: شبه مين انت هتستعبط ما أنا هي!

  • ايوة كدة يا عم فرغلي اظهر وبان حمد الله على السلامة يا حبيبتي كدة أنا اتأكدت انك مراتي.
  • تصدق ان أنا غلطانة اني عملت كل ده عشانك وانت مبيتمرش فيك أصلاً.
  • طب خلاص خلاص متزعليش زي القمر والله، بس انت عملتي كدة ازاي هه؟!
  • انت فاكرها صعبة يعني أنا ع طول زي القمر بس أنا اللي مكنتش مهتمة بنفسي الفترة اللي فاتت ومهتمة بيك انت وولادك بس.
  • يعني خلاص هتبدي تهتمي بنفسك؟ طب ربنا يديمها عليكي نعمة يا حبيبتي وتفضلي كدة على طول.

   يأتي أبنائهما إلى غرفتهما: بابا عايزين نخرج نتفسح بقى النهاردة بمناسبة اللوك الجديد ده.

أحمد: نخرج نتفسح ده أيه؟ ولا أقولكم بصوا كل واحد فيكم ياخد 100 جنيه أهي واخرجوا اتفسحوا مع صحابكم ومترجعوش قبل العشا ومتتأخروش عن العشا مفهوم؟

ابنتهما: الله ده الموضوع طلع بمصلحة يلا.

ابنهما: أمال انت فاكرة ايه ده احنا هنعيش في نغنغة اليومين الجايين ربنا يديمها علينا نعمة يارب ومترجعش لأمنا الغولة تاني.

   يخرج ابنيهما من المنزل، ويمسك “أحمد” بملك وهو يغلق باب غرفتهما قائلاً: بمناسبة صورة الفرح يا حبيبتي فاكرة ليلة دخلتنا؟

يوميات بنوتة مصرية (22): لبس البوصة

عند الكوافير:

مريم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

فتاة الكوافير: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

مريم مشيرة لملك: بصي دي عايزين نرجعها عروسة من أول وجديد تاني.

ابتلعت الفتاة ريقها بصعوبة وهي تتفحص منظر ملك وسألتها: هو حضرتك آخر مرة روحتي للكوافير كانت امتى؟

ملك: والله ما فاكرة يمكن كان في فرح أخت جوزي من خمس ست سنين كدة.

الفتاة لنفسها: أنا ايه اللي نزلني النهاردة بس ما أنا كنت قاعدة مرتاحة في بيتنا ده ايه المناظر اللي بتتحدف علينا دي بس؟!

الفتاة لملك ومريم: يا مدام حضرتك شايفة المنظر أنا عايزة يومية زيادة ده انت فيكي شغل كتير قوي.

نظرت ملك لمريم متوجسة؛ فقالت مريم مبتسمة: متقلقيش انت مش هنختلف في موضوع الفلوس المهم انها ترجع عروسة بورقتها.

فتاة الكوافير: طب تمام احنا نبتدي بالشعر، اتفضلي حضرتك ارتاحي عشان أعملك شعرك.

ملك: طب تمام.

  جلست ملك على الكرسي وحاولت الفتاة تسريح شعرها ولكنه كان ملبداً بطريقة يستحيل معها أن يسلك المشط طريقه فيه.

فتاة الكوافير: هو حضرتك آخر مرة سرحتيه كانت امتى؟

حاولت ملك أن تتذكر آخر مرة أمسكت بالمشط لتمشط شعرها لا شعر ابنتها فلم تتذكر سوى مرة كانت لاتزال حامل بابنتها الكبرى؛ فابتلعت ريقها بصعوبة وامتقع وجهها وهي تردد في سرها لفتاة الكوافير: استري عليا ربنا يستر على ولاياكي.

فتاة الكوافير: بما انه مش نافع يتسرح احنا نقصه لاخر حتة سالكة وبعدين نسرحه ونشوف هنعمل فيه ايه؟

ملك: أوك تمام.

بعد أن أنهت فتاة الكوافير تمشيط شعرها بمشقة بالغة قالت لها في أسى: معلش يا مدام أنا مش هقدر أخلصك لوحدي النهاردة لان انت فيكي شغل كتير أوي فبعد اذنك أنا مضطرة ادخل معايا بنتين تلاتة تانيين اذا كنت عايزة تخلصي النهاردة!

ملك: طب تمام أوك اللي انت شيفاه بس استعجلي والنبي وشهلوا عايزة ألحق أروح قبل ما الراجل يرجع من الشغل!

ابتسمت فتاة الكوافير ابتسامة خبيثة وقالت: إن شاء الله هتلحقيه يا مدام.

   وبعد ساعات من العمل الشاق انهت فتيات الكوافير عملهن لتخرج من تحت أيديهن امرأة جديدة غير تلك التي دخلت اليهن منذ ساعات ويعود الزمن بها عشر سنوات إلى الوراء وربما أكثر.

…………………………

   عادت ملك مع مريم إلى منزل شقيقتها لتأخذ أبنائها وتعود إلى منزلها قبل عودة زوجها، وفور أن رأوها ذهلوا جميعاً ولم يكادوا يستطيعون التعرف عليها:

مروة: بسم الله الرحمن الرحيم، مين دي اللي انت داخلة بيها يا بت أمال فين خالتك بدلتيها هناك ولا ايه؟!

بنت ملك تتحسس وجهها وهي تقول: انت متأكدة انك أمي اللي نزلت من شوية؟!

ملك: بطلي هبل يا بنت العبيطة.

  • احم، لا أنا كدة أتأكدت انك أمي خلاص.

ابن ملك يخرج موبايله قائلاً: استني بس يا بنتي نلحق نتصور معاها سيلفي قبل ما نروح البيت وتتحول!

مريم: تتحول ايه؟! هو احنا دفعنا كل المصاريف دي عشان ترجع تتحول تاني؟! لا إن شاء الله هي هتثبت على كدة.

ابن ملك: لما نشوف، دي أمي وأنا عارفها هم يومين وترجع ريما لعادتها القديمة، وتحسباً للظروف ناخد السيلفي أضمن.

يتجمعون كلهم لالتقاط الصورة وهم يقولون: بتييييييييييييييييخ