سارة الليثي
التقت عيناهما على حين غرة بإحدى الكافيهات على النيل، كان كل منهما يجلس وحيداً، كانت تلك هي المرة الأولى التي يراها فيها ولكنها لم تكن مرتها الأولى، لقد عاشت معه قصة حب طويلة لم يرى أحداً مثيلاً لها، كان الجميع يحسدهم على ذاك الحب، وقد أصابته عين الحسد في مقتل. أفاق يوماً بعد حادثٍ مروعٍ فلم يعرفها، أنكر حقيقة وجودها في حياته ومسح كل ذكرياتهما معاً. آثرت الرحيل بما بقى لها من ذكريات وهي تثق أن صدق حبها سيعيده إليها يوماً ما.
وها هو اليوم أمامها، تعلن نظراته أن إذا كانت ذاكرة العقل قد محت وجودها إلا إن ذاكرة القلب تأبى فقدانها. منذ أن تلاقت أعينهما شعر بوخز في قلبه لم يعلم له تفسيراً، شعر أن نظرتها تخترق قلبه وأن قلبه ذاك ملكاً لها منذ بدء الخليقة. التقط وردتها المفضلة من شجرتهما -التي زرعاها معاً يوماً على ضفاف النيل لتظلل حبهما وتقيهما حرارة الشمس وتمنحهما عطراً فواحاً وهما يحتسيا قهوتهما الصباحية معاً-. توجه إليها متوجساً وفي يده الوردة ليقدمها لها.
خفق قلبها بشدة حتى خيل إليها أن الجالسين حولها يسمعون دقاته، قبلت وردته بعد أن أحمرت وجنتاها خجلاً وفرحاً وعشقاً، لتبدأ فصول قصتهما من جديد في نفس المكان الذي شهدها سابقاً.