خواطر الرحيل

يؤلمني أن الحياة لا زالت تستمر

أن الأرض تدور كما اعتادت كل يوم

أن الشمس تشرق من مشرقها لتغرب عند مغربها

أن القمر يظهر كل مساء ليزين السماء

والنجوم تزدان وتبعث بالضياء

وأن الطيور لا زالت تغرد كل صباح تداعب أوراق الأشجار

وكأن الكون لم يخسر أحد دعائمه الأساسية

وكأن شيئاً لم يحدث قط

وكأن رحيلك لم يكن فاجعة للأرض

…………………………………………

   يوماً ما في قديم الزمان، كنت دوماً أتحرق شوقاً للرحيل إلى القاهرة، ولكني بت الآن أكرهها وأخاف منها، سُميت قاهرة لأنها تقهر أعدائها، ولكنها لم تقهر مرضك، بل قهرتني أنا وسرقتك مني!

…………………………………………

    أبكيك كل يوم وحدي في الظلام، خشية أن تراني أمي، تسألني: ما بك؟

    أخبرها عن اشتياقي لكِ؛ فتبكي إلى جواري.

…………………………………………

كم هو مؤلم أن ندلف إلى المنزل

فلا نجدك تجلسين على كرسيك الأثير

تنتظرينا

تقدمين لنا الطعام

وتأكلين معنا لقيمات

تشاهدين مسلسلك المعتاد

تقصين علينا حكايته

تخبرينا بأحداث العائلة في غيابنا

لليوم لا أستطيع أن أعي أنني رأيتك جثة هامدة أمام عيني ولم أملك لك شيئاً

لليوم لا أستطيع أن أتقبل فكرة عدم وجودك ثانية في حياتي

أنني لن أسمع صوتك تقصين علي أحداث حياتك وأصدقائك، ما كان وما تريديه أن يكون

لن تطالبيني بالزواج حتى ترين عرسي وأطفالي قبل رحيلك

فلن تريهم أبداً!

كم هي مؤلمة الحياة بدونك

وللآن لم يجف دمعي

وربما لن يجف أبداً!

…………………………………………

ها قد أتى عيد مولدي

ولم تهنئينني به كعادتي

أي عيد ذاك لا تكونين فيه معي؟!

وما جدوى مولدي إن لم تصحبيني في رحلتي؟!

ولم تشرق شمسي إن لن تريها معي؟!

…………………………………………

لا زلت على العهد أبقيك

في ثنايا القلب أرقيك

وفي حشا الروح اضويك

وفي أحلامي أسميك

…………………………………………

وما أنا كلي إلا نطفة منها

أتت بأمي؛ فأتت بي

…………………………………………

ويؤلمني أن يختزل وجودك

في صورة معلقة على جدار

…………………………………………

حتى وأنا أرتدي ملابسك

لا أبدو بمثل أناقتك

فلا شيء في هذا الكون

يضاهيك أناقة وروعة

…………………………………………

منذ رحيلك والأيام تشبه بعضها

توقف الزمن ولم يعد للحياة معنى

…………………………………………

يخيل إلي في كل وقت انك ستخرجين علي بين لحظة وأخرى

أنك نائمة في غرفتك وستستيقظين وتأتين للجلوس معي

تشاهدين التلفاز وتقرأين الجريدة

تطلبين الشاي ونتناقش في أحداث المسلسل

تهاتفي صديقاتك وتقصي عليهن أحداث يومك

وأفيق من خيالاتي على واقع أليم 

أنك لم تعودي بيننا وأننا فقدناك في دنيانا للأبد

…………………………………………

برحيلك رحلت السعادة من حياتنا

لم يعد من شيء يفرحنا

من ذاك أضحت المصائب تترى علينا

كنت بركتنا ومن بعدك ما عاد أحد يباركنا

…………………………………………

اشتقت إليك

بل إن كل ركن في المنزل اشتاق لك

فهو لم يعد منزلاً بدونك

اشتاق لصوت خطوتك وانت تخطرين فيه ذهاباً وإياباً

اشتاق لرائحة طعامك تنبعث في أرجاء المنزل ليسيل لها لعابنا وتتحرك لها أمعائنا

اشتاق لكل تفصيلة منك وكل شيء يخصك

نشتاق لك كثيراً وما للقيا من سبيل 

…………………………………………

عام على رحيلك مر

ولا ندري كيف مر؟!

لم يكن فيه يوم حلو

لم نذق فيه سوى المر

ألا خبرينا إلى أين المفر؟

الإعلان