زمان وأنا صغيرة مكنش عندنا تلفزيون (عشان حرام وهيفسد أخلاقنا)
كانت تيته الله يرحمها لما بتيجي من القاهرة تقعد عندنا شهر في أسيوط بتضطر تنزل عند الجيران (عمامي) عشان تتفرج ع المسلسلات اللي كانت متابعاها في بيتها
الله يرحمها حاولت تقنع بابا وماما كتيـــــــــــــــــر انها تجيب تلفزيون من فلوسها هي حتى عشان ميبقوش دفعوا تمن حاجة مستحرمينها، وحتى يبقوا يشيلوه طول ما هي مش موجودة ويطلعوه لها لوحدها لما تبقى موجودة، بس مفيش فايدة
طبعاً بالنسبة لي كان بتبقى أسعد أيام حياتي لما نسافر القاهرة ونقعد عند تيته وألزق قدام التلفزيون ومحدش يقدر يشيلني من قدامه 😀
لما سافرنا اليابان سكنا في سكن جامعي ولإن الشقق بتبقى متجهزة من الأول فطبيعي كان فيها تلفزيون وجهاز فيديو كمان، ودي كانت أول مرة يبقى في تلفزيون في بيتنا
ولأن كل اللي بيتعرض في التلفزيون كان بالياباني واحنا مش فاهمين منه حاجة بالإضافة لإنهم كانوا بيعرضوا حجات حرام فعلاً 😀 فبابا كان بيجيب لنا شرايط فيديو من “مسجد الجامعة” نتفرج عليها كل يوم واحنا بنتعشى قبل ما ننام
شرايط الفيديو العظيمة دي كانت عبارة عن حروب أفغانستان والشيشان ومذابح صابرا وشاتيلا ودير ياسين!
الأكادة ان ماما وبابا لحد النهاردة مستغربين أنا ومحمد طالعين عنفا وعصبيين كدة ليه؟!
مش عارفة الصراحة هم كانوا متوقعين أطفال بيتفرجوا على مذابح وأشلاء بني آدمين ورؤوس بتطير على الأكل قبل ما يناموا يطلعوا كيوت من أنهي اتجاه يعني؟!
طبعاً هم كان في مخيلتهم ان دي الطريقة المثلى لربطنا بالهوية الإسلامية والذود عنها وإننا نبقى مهتمين باللي بيحصل للمسلمين في أرجاء العالم، وعلى اعتبار ان أطفال الصحابة كانوا بيعيشوا الحروب دي بنفسهم فإيه يعني لما نشوفها في فيديوهات؟!
طبعاً مكنش عندهم خلفية معرفية وتحليل منطقي كافي بإن أطفال الصحابة والأطفال في مناطق الحروب بشكل عام -بغض النظر عن تأثير اللي بيعيشوه فعلياً على نفسيتهم وتكوين شخصيتهم- بس في العموم هم بيكون عندهم الإمكانية في تنفيس جرعة العنف اللي شهدوها بشكل انتقامي في الاتجاه المضاد، بينما الأطفال الطبيعيين اللي مبيعيشوش في مناطق حروب وصراعات العنف اللي بيشوفوه وبيتفرجوا عليه بيتخزن جواهم وبيخرج ع هيئة تصرفات عنيفة وعدوانية في مواقف عادية
الحمد لله المرحلة دي مستمرتش كتير -وإن كانت تأثيراتها لا زالت مستمرة- وبعد سنة بقينا بنجيب شرايط فيديو طبيعية زي بقية البني آدمين الطبيعيين عليها ليالي الحلمية وعائلة ونيس وأهالينا وفارس بلا جواد وعائلة الحاج متولي…. إلخ، من المصريين الموجودين في اليابان
ولما رجعنا مصر ركبنا كارت شاشة ع الكمبيوتر بيجيب التلات قنوات الأرضية (عشان الدش حرام وهيفسد أخلاقنا برضه 😀 )
لحد ما قامت ثورة يناير المباركة وكانت أول بركاتها ان الدش دخل بيتنا عشان نعرف نتابع أحداث الثورة بعيداً عن التلفزيون المصري اللي كان بيقول ان مفيش ناس في الميادين أصلاً وانهم شوية رعاع بيوزعوا عليهم كنتاكي عشان يقعدوا في التحرير
ومرت السنين ودخلنا عصر الشاشات بعد ما كنا بنشوف التلفزيون ع شاشة الكمبيوتر، ودلوقتي بسم الله ما شاء الله بقى في البيت تلات شاشات
وقد وصلنا إلى هذه المرحلة بعد ما أنا اعتزلت الفرجة ع التلفزيون أصلاً وبقيت اللي عايزة أشوفه بتفرج عليه ع النت من لابي (اللاب توب)، في حين ان بابا وماما اللي حاربوا طول السنين اللي فاتت دي عشان التلفزيون ميدخلش البيت هم اللي بيتفرجوا عليه دلوقتي 😀
حكايتي مع التلفزيون
