عزلة

ع قد ما السنين اللي قضيتها في اليابان دي كانت تعتبر من أحلى سنين عمري إلا إني برضه ساعات كتير بحس انها أثرت سلباً ع نموي الاجتماعي

قبل ما أسافر اليابان كنت طفلة جريئة واجتماعية جداً، كنت بروح أتكلم مع كل الناس وأي حد من غير ما أكون عارفاه قبل كدة وأعمل علاقات جديدة واتصاحب على أي حد بسرعة وأفتح أي مواضيع بسهولة مع أي حد في أي سن، ومحدش كان بيصدق اني لسة طفلة في الحضانة أو بداية الابتدائي

لما سافرت اليابان اتحولت حياتي الاجتماعية دي لعزلة غريبة

كنت أكبر طفلة في ولاد المصريين والعرب هناك وأكبر حد بعدي كان محمد أخويا اللي أصغر مني بتلات سنين وبعد كدة أطفال الفرق بيني وبينهم خمس ست سنين وأكتر

بالتالي كانت معاملتي مع الآخرين تنحصر في أطفال أصغر مني بكتير مبيساعدوش بأي شكل على نضجي ونموي الاجتماعي بل على العكس أنا مضطرة أنزل لأعمارهم عشان أجاريهم، يا اما الأطفال اليابانيين اللي في عمري بس حاجز اللغة واقف ما بينا وبالتالي أغلب تعاملنا بيكون بالإشارات وكلمات قليلة من إنجليزي هم لا يجيدوه إطلاقاً وياباني أنا يا دوبك أعرف منه كلمات قليلة جداً، والخيار التالت كان الناس الكبار اللي هم صحاب أهلي واللي طبعاً أول ما بفتح بقي وأقول كلام طفولي أهبل بالنسبة لهم بيتريقوا عليا فرجع ألوذ بالصمت مرة تانية

النتيجة للوضع ده كانت اني دخلت في ستار من العزلة إلى حد ما وعدم قدرة على تحليل المواقف الاجتماعية وكيفية التعامل معاها والردود المناسبة لكل موقف

لما رجعت مصر بعد أربع سنين عشتهم في اليابان، كنت مختلفة إلى حد كبير عن الطفلة اللي سافرت، كنت بتكسف من كل الناس حتى ولاد عمي اللي كنت بجيبهم من قفاهم قبل ما أسافر عادي :]

لما دخلت المدرسة الثانوي أول ما رجعت كنت بتعامل مع البنات في المدرسة بعقلية طفلة خمسة ابتدائي اللي سابت البلد من أربع سنين كأن السنين دي واقعة من حياتي، وطبعاً كنت بتصدم في مواقف وحجات كتير، وكل يومين تقريباً كنت برجع معيطة من المدرسة

ولحد دلوقتي ورغم مرور سنين كتير أوي على رجوعي من اليابان ومخالطتي إلى حد ما للناس سواء كأهل أو زمايل دراسة أو شغل أو غيره إلا إني لسة بحس بالدروب أو الفجوة دي، بحس كتير إن عقلي مش بيستوعب كتير من المواقف اللي بتحط فيها وإزاي أتعامل معاها وإيه الردود المناسبة سواء ككلام أو كرد فعل!

الإعلان

رحلات مدرسية

بمناسبة بدء #العام_الدراسي_الجديد واللي من المفترض بتصحبه #رحلات_مدرسية
ده نموذج من الرحلات المدرسية اللي كنا بنطلعها في المدرسة في اليابان في إبتدائي
رحلة لمؤسسة صحفية بنتتبع فيها مراحل إنتاج الصحيفة اليومية بدءاً من كتابة الأخبار وإزاي بيتم طبعها وتلوين الصفحات لحد خروجها للنور وتوزيعها على بائعي الجرائد
قد يظن البعض إن دي رحلات مملة ومش مناسبة للأطفال، لكن الحقيقة اننا كنا بنستمتع فعلاً بالرحلات دي وبنتعلم فيها حاجات جديدة وبنجرب بإيدينا نعمل نفس الشغل اللي بيوريهولنا مش مجرد كلام بيتقال لنا وخلاص
كل مؤسسة مهنية في اليابان كانت بتبقى مخصصة جزء منها لاستقبال الرحلات المدرسية؛ فمخصصة مكان للأطفال يتعلموا فيه شغل المؤسسة ويعملوا نماذج منه بايديهم أياً كان مجال عمل المؤسسة
من الرحلات اللي رحتها برضه أيامها كانت رحلات لمصانع أدوات تكنولوجية ومصانع ألعاب أطفال، كل الحجات دي كنا بنتعلم إزاي بيتم صناعتها وبنعملها بايدينا ونلعب بيها عادي، وده كان بيبقى قمة المتعة، وبيخلي الأطفال يتعرفوا على ميولهم ورغباتهم ويكون عندهم قدرة أوسع على تحديد المهنة اللي بينجذبوا ليها وتتوافق مع ميولهم عشان تبقى هي مجال دراستهم وعملهم الأساسي في الدراسة الجامعية وبعد التخرج، مش مجرد اختيار كليات قمة ليها مظهر بريستيجي أفضل وخلاص حتى لو كانت بعيدة كل البعد عن قدرات الطالب وميوله!
حتى الرحلات اللي كانت في أماكن ترفيهية زي الحدائق والملاهي كنا بنتعلم فيها برضه مش مجرد لعب في التراب وخلاص، بنتعلم أنواع النباتات اللي في الحديقة وإزاي نحافظ عليها وتعيش مدة أطول وايه هي النباتات النادرة الموجودة في المكان والفرق بينها وبين النباتات العادية؟ كنا بنروح أماكن تاريخية وأثرية ونتعلم عن تاريخها والفنون الأثرية اللي فيها، كنا بنتعلم رياضات جديدة لما روحنا نتزلج على الجليد في منطقة جليدية
اللعب والترفيه من المفترض أنه يكون وسيلة تعليمية للطفل، لأن كل خبرة بنمر بيها في حياتنا بشكل عام من المفترض اننا بنتعلم منها حاجة مش مجرد تضييع وقت وخلاص من غير أي إفادة، ياريت المدارس هنا في مصر تحاول تاخد بالها من الموضوع ده ومتبقاش أقصى طموح الرحلات اللي بتعملها أنها توديهم يلعبوا في الملاهي والمراجيح عشان يبقى اسمها عملت رحلة ولا يروحوا يحضروا حفلة ترفيهية وخلاص وكدة يبقى عداها العيب وأزح يعني!