النوم على طهارة

      من سنن نبينا (صلى الله عليه وسلم) المهجورة النوم على طهارة ووضوء، فقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم) لـ”البراء بن عازب” (رضي الله عنه): “إذا اتيت مضجعك؛ فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن، ثم قل: اللهم اسلمت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، اللهم أمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت، فإن مت مت على الفطرة، فاجعلهن آخر ما تقول” متفق عليه.

    وعن ابن عمر (رضي الله عنهما) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): “من بات طاهراً بات في شعاره ملك، فلا يستيقظ إلا قال الملك: اللهم اغفر لعبدك فلان فانه بات طاهراً” رواه الألباني، وفي رواية أخرى “طهروا هذه الأجساد طهركم الله، فإنه ليس عبد يبيت طاهراً إلا بات معه ملك في شعاره لا ينقلب ساعة من الليل إلا قال: اللهم اغفر لعبدك، فإنه بات طاهراً” فياله من فضل عظيم أن يستغفر لنا ملك طاهر من الملائكة طوال ساعات نومنا التي تتوقف فيها أعمالنا.

    وليس هذا فقط بل هناك أيضاً أفضال أخرى للنوم على طهارة، فعن “عبد الله بن عمرو” (رضي الله عنهما) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): “الأرواح تعرج في منامها إلى السماء؛ فتؤمر بالسجود عند العرش؛ فمن كان طاهراً سجد عند العرش ومن ليس بطاهر سجد بعيداً عن العرش” رواه البخاري، وأيضاً قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): “من آوى إلى فراشه طاهراً يذكر اسم الله تعالى حتى يدركه النعاس لم ينقلب ساعة من الليل يسأل الله عز وجل فيها شيئاً من خير الدنيا والآخرة إلا أعطاه الله إياه”.

    فيالها من أفضال عظيمة لسنة نبوية شريفة لا يكلفنا القيام بها مجهوداً أو وقتاً طويلاً ففي دقائق معدودة نقوم بهذه السنة ونربح أجرها العظيم؛ فلنواظب على هذه السنة ونحرص على القيام بها والاقتداء بنبينا الكريم (صلى الله عليه وسلم).

الإعلان

غسل الجمعة

      مازلنا معاً نتابع السنن المهجورة في حياتنا اليومية، وبما اننا في ليلة الجمعة فلنلقي الضوء على سنة من سنن يوم الجمعة المهجورة ألا وهي غسل الجمعة، فمن سنن نبينا الكريم (صلى الله عليه وسلم) في يوم الجمعة الاغتسال قبل صلاة الجمعة، والكثير منا يغفل عن هذه السنة ويكتفي بالوضوء والطهارة اليومية خاصة مع التأخر في النوم والاستيقاظ في يوم الجمعة باعتباره الأجازة الأسبوعية، على الرغم من فضل هذه السنة العظيمة وثوابها الكبير الذي يناله فاعلها.

    فقد قال (صلى الله عليه وسلم): “من اغتسل ثم أتى الجمعة فصلى ما قدر له ثم أنصت حتى يفرغ الإمام من خطبته، ثم يصلي معه غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وزيادة ثلاث أيام” رواه مسلم في صحيحه. وفي حديث آخر قال سول الله (صلى الله عليه وسلم): “إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل” رواه البخاري، وأيضاً قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): “من غسل يوم الجمعة واغتسل، وبكر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام، فاستمع ولم يلغ، كان له بكل خطوة عمل سنة، أجر صيامها وقيامها” رواه ابن ماجه وصححه الألباني.

    وعن “أبي أمامة” (رضي الله عنه) أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: “إن الغسل يوم الجمعة ليسُل الخطايا من أصول الشعر استلالاً” رواه الطبراني، وعن “أبي بكر الصديق” (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): “من اغتسل يوم الجمعة، كُفرت عنه ذنوبه وخطاياه” رواه الطبراني، وهذين الحديثين يوضحان أن ثواب الغسل ليس مقصوراً على من يذهب لصلاة الجمعة من الرجال بل يشمل أيضاً النساء اللاتي لا تجب عليهن صلاة الجمعة، فلو اغتسلن وصلين في بيوتهن لنالهن أيضاً ذلك الثواب والفضل.

   فلنعمل معاً على احياء تلك السنة العظيمة ونيل فضلها وثوابها؛ فعلى قدر الاقتداء يكون الاهتداء، فاللهم اهدنا سبلنا واهدنا الصراط المستقيم ولا تجعلنا من الضالين.

شعبان شهر الخير والبركات

بقلم: سارة الليثي

   أهل علينا اليوم شهر شعبان وهو شهر مبارك يغفل عنه الناس عن ما فيه من أفضال حيث يتوسط الشهر الحرام رجب وشهر الصيام رمضان، ولكنه يحمل في طياته الكثير من الخير والبركات، ففيه ترفع الأعمال إلى الله فعن “أسامة بن زيد” (رضي الله عنه) قال: قلت: يا رسول الله لم أرك تصوم شهراً من الشهور ما تصوم من شعبان، قال: ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم” رواه الألباني.

   وعن “عائشة” (رضي الله عنها) قالت : “كان أحب الشهور إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصومه شعبان ثم يصله برمضان”. وفي شهر شعبان كان تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى الكعبة المشرفة بعد الهجرة إلى المدينة المنورة تحقيقاً لرغبة الرسول (صلى الله عليه وسلم) حتى تختلف أمة الإسلام في قبلتها عن الأمم الآخرى وتكون وجهتها لبيت الله الحرام، فقد قال الله تعالى: “قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره” {البقرة: 144}.

   وعن “البراء بن عازب” (رضي الله عنه):أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى إلى بيت المقدس ستة عشر شهراً أو سبعة عشر شهراً وكان يعجبه أن تكون قبلته إلى البيت وأنه صلى أو صلاها صلاة العصر وصلى معه قوم فخرج رجل ممن كان معه فمر على أهل مسجد وهم راكعون فقال: أشهد بالله لقد صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم قِبل مكة. فداروا كما هم قِبل البيت وكان الذي مات على القبلة قبل أن تحول رجال قتلوا لم ندر ما نقول فيهم فأنزل الله: “وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرؤف رحيم” رواه البخاري.

   وانتهز اليهود الفرصة للتشكيك في الاسلام وانه ليس من عند الله الذي شرع قبلة اليهود والنصارى إلى المسجد الأقصى وأدى ذلك إلى تشك بعض حديثي الايمان الذين لم يستقر الإيمان في قلوبهم واعلان المنافقين لانشقاقهم عن الاسلام؛ فأنزل الله تعالى قوله: “وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله” {البقرة: 143}، وكان لشهر شعبان منزلة عظيمة عند السلف الصالح فقد قالوا فيه:

    قال “سلمة بن كهيل”: كان يقال شهر شعبان شهر القراء. وكان “عمرو بن قيس” إذا دخل شهر شعبان أغلق حانوته وتفرغ لقراءة القران، وقال “أبو بكر البلخي”: شهر رجب شهر الزرع، وشهر شعبان شهر سقي الزرع، وشهر رمضان شهر حصاد الزرع، وقال أيضاً: مثل شهر رجب كالريح، ومثل شعبان مثل الغيم، ومثل رمضان مثل المطر، ومن لم يزرع ويغرس في رجب، ولم يسق في شعبان فكيف يريد أن يحصد في رمضان، فعلينا أن نستثمر تلك المنحة الربانية في هذا الشهر لنخرج منها بربح عظيم يعيننا في دنيانا وآخرانا.

   وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): “إن لله في أيام الدهر نفحات فتعرضوا لها، فلعل أحدكم أن تصيبه نفحة فلا يشقى بعدها أبداً” فنرجو الله أن نكون منهم في هذا الشهر، بارك الله لنا ولكم فيه، اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام.