ولد “محمد علي” في 17 يناير 1942م، في مدينة لويفيل بولاية كنتاكي لعائلة أمريكية سوداء من الطبقة المتوسطة، وكان اسمه “كاسيوس مارسيلوس كلاي جونيور” والذي غيره إلى “محمد علي” بعد اعتناقه الاسلام ورفضه لاسم “كلاي” الذي كان يدل على عبودية السود في أمريكا، كان يحلم أن يكون من أقوى أبطال العالم في الملاكمة، في حين أن الناس جميعاً كانوا يسخرون منه، ولكنه حاول مرة بعد مرة، وضُرب أكثر من مرة، ولكنه كان يعيد المحاولة في كل مرة.
تدرب وتمرن، وكان يلاحظ حركات اللاعبين.. حركات أرجلهم.. أيديهم.. أعينهم.. أنفاسهم، وخسر أكثر من مرة، ولكنه بعد ذلك أستطاع أن يفوز وينتصر، حتى وصل به الأمر إلى أن تحدى “جورج فورمان” ذلك الرجل الذي كان يهابه الجميع، فقد كانت ضربته أقوى من ضربة الحصان. ومع ذلك فقد تحداه محمد علي كلاي ولعب أمامه، ولكنه خسر، فقد أصابه “جورج فورمان” بإصابات عديدة، منها 12 غرزة في وجهه، وكذلك اصابة في فكه، وكسر في ذراعه، ودخل المستشفى في حالة سيئة جداً.
نصحه الناس ألا يلعب مرة أخرى، ولكنه استطاع أن يلعب ثانية، وقرر أن يلعب أمام “جورج فورمان” مرة أخرى، بعد أن شاهد الفيلم التسجيلي للمباراه التي لعبها معه حتى استوعبها تماماً وعرف نقاط القوة والضعف فيها، وتدرب بشكل مكثف ليلاً ونهاراً. وعندما علم “جورج فورمان” بالأمر قال للناس: سوف تشتاقون للقاء هذا الرجل مرة أخرى؛ فهذه هي آخر مرة يمكنكم أن تروه فيها، فإنه لم يستوعب الدرس من المرة الأولى، فودعوه بشده؛ لأنني سوف أخلصكم منه تماماً..
وكانت المنافسة بينهما قد تحدد مكانها في أفريقيا؛ فذهب “محمد علي” قبل البطولة بشهر كامل إلى الناس هناك، وكان ينزل إلى الشارع ويجري وسط الناس، ولأنه كان ذو شخصية محبوبة وجذابة فقد أحبه الناس وكانوا يشجعونه ويهتفون باسمه وهو يتمرن بينهم. ولما بدأت المباراة أراد “محمد علي” أن يقنع “جورج فورمان” أن ضربته مهما بلغت من قوة لا تؤثر فيه، في حين أن أي ملاكم آخر كان يتقي ضرباته ولا يثبت أمامه أكثر من حلقتين أو ثلاث.
ولكن “محمد علي” استمر أمامه اثنتى عشرة حلقة، وفي النهاية فاز عليه بالضربة القاضية وقضى عليه، وكان قد أشهر اسلامه وقتها؛ فصرح قائلاً: بفضل الله سبحانه وتعالى وحده، ثم المجهود الشخصي والكفاح والإصرار والتقدير والمرونة والرؤية والهدف استطعت أن أحقق أهدافي.. وقد فاز “محمد علي” ببطولة العالم للوزن الثقيل ثلاث مرات على مدى عشرين عاماً في 1964 و1974 و1978، وكان يصف نفسه بأنه “يطير كالفراشة ويلسع كالنحلة”، وهو صاحب أقوى وأسرع لكمة في العالم حيث تعادل قوتها حوالي ألف باوند.
في بدايات عام 1966 طُلب للخدمة في الجيش الأمريكي وكانت أمريكا وقتها تخوض حربها ضد فيتنام؛ فرفض أن يخدم في الجيش الأمريكي واعتبر نفسه معارضاً للحرب، وصرح قائلاً: “هذه الحرب ضد تعاليم القرآن، وإننا كمسلمين ليس من المفترض أن نخوض حروباً إلا إذا كانت في سبيل الله، لن أحاربهم فهم لم يلقبوني بالزنجي!”، ونتيجة لذلك تم سحب لقب بطولة العالم منه ولكنه تلقى دعم الكثيرين لآراءه وموقفه خاصة بعد الخسائر التي تكبدها الجيش الأمريكي في تلك الحرب.
وفي عام 1970 عاد “محمد علي” للملاكمة مرة ثانية في مباراة وصفت أنها مباراة القرن ضد جو فريزرحيث لم تسجل هزيمة لأي منهما في مباراة من قبل، وكانت مباراة مقسمة على ثلاث مباريات منفصلة فاز “محمد علي” باثنتين منهم، ورصيد “محمد علي” في الملاكمة 61 مباراة فاز في 56 مباراة 37 منهم بالضربة القاضية وخسر في خمس مباريات فقط، وتزوج “محمد علي” أربع مرات (كل على حدة) أنجب فيهم سبع بنات وولدين، وأصغر أبنائه هي الملاكمة ليلى محمد علي الوحيدة من أبنائه التي احترفت الملاكمة سيراً على خطاه وإن لم تعتنق الاسلام مثله.
في عام 1999 توج “محمد علي” بلقب رياضي القرن من مجلة “سبورتس ايلاستريتد” وذلك بعد أن اعتزل الملاكمة عام 1981 وكان عمره وقتها 39 عاماً ليتفرغ بعدها لمشاريعه الخيرية، وفي عام 1984 أصيب بداء باركنسون (الشلل الرعاش) ولكنه أستطاع ان يقاومه كثيراً حتى تدهورت حالته الصحية بشكل ملحوظ عام 2005 وتوالت بعدها نكساته الصحية إلى أن توفي في 4 يونيو 2016 تاركاً للبشرية ارثاً من الانجازات الرياضية والمشاريع الخيرية في كافة المجالات لا يمكنها تجاهله، لم يستسلم يوماً لا لهزيمة ولا لمرض، لم يقعده شيء في الحياة عن تحقيق أهدافه والوصول لمآربه.