فلسطين

لن تجعلوا من شعبنا

شعبَ هنودٍ حُمرْ..

فنحنُ باقونَ هنا..

في هذه الأرضِ التي تلبسُ في معصمها

إسوارةً من زهرْ

فهذهِ بلادُنا..

فيها وُجدنا منذُ فجرِ العُمر

فيها لعبنا، وعشقنا، وكتبنا الشعر

مشرِّشونَ نحنُ في خُلجانها

مثلَ حشيشِ البحرْ..

مشرِّشونَ نحنُ في تاريخها

في خُبزها المرقوقِ، في زيتونِها

في قمحِها المُصفرّْ

مشرِّشونَ نحنُ في وجدانِها

باقونَ في آذارها

باقونَ في نيسانِها

باقونَ كالحفرِ على صُلبانِها

باقونَ في نبيّها الكريمِ، في قُرآنها..

وفي الوصايا العشر..

يا آلَ إسرائيلَ.. لا يأخذْكم الغرور

عقاربُ الساعاتِ إن توقّفتْ، لا بدَّ أن تدور..

إنَّ اغتصابَ الأرضِ لا يُخيفنا

فالريشُ قد يسقطُ عن أجنحةِ النسور

والعطشُ الطويلُ لا يخيفنا

فالماءُ يبقى دائماً في باطنِ الصخور

هزمتمُ الجيوشَ.. إلا أنكم لم تهزموا الشعور

قطعتم الأشجارَ من رؤوسها.. وظلّتِ الجذور

#نزار_قباني
#اليوم_العالمي_للتضامن_مع_الشعب_الفلسطيني

T.B: Me

الإعلان

الهوية الثقافية دليل الشعوب

بقلم: سارة الليثي

   الهوية الثقافية للمجتمعات هي عامل تحرير للأمم في المقام الأول، ومن ثم تبدو مبرراً لحركات الاستقلال ومقاومة الاستعمار وبالنسبة للدول النامية تظل الهوية الثقافية ضماناً لوجودها كأمة، فالتنمية الذاتية للشعوب يجب أن تأخذ في اعتبارها القيم الثقافية الأصيلة والمعانى الخاصة لهذه الشعوب، ويجب بأي حال من الأحوال ألا تضيع الهوية الثقافية للأمم على حساب خضوعها للمصالح الأجنبية، فهي عنصر من عناصر التفاعل البشري والصراع الحضاري وتمثل الركن الأساسي من أركان الأمن القومي للأمم.

والهوية الثقافية لأية أمة من الأمم هي وثيقة تعريف لكل فرد من أفرادها في العالم الخارجي باعتباره منتمياً إلى تلك الجماعة فهي السمات والقسمات العامة التي تميز حضارة الأمة عن غيرها من الحضارات والتي تجعل للشخصية الوطنية والقومية طابعاً تتميز به عن الشخصيات الأخرى، وبقدر وضوح الهوية الثقافية للأمة ورسوخها في وجدان الفرد والجماعة بقدر ما تتميز تلك الأمة وتنفرد بخصائصها الذاتية عن غيرها من الأمم الأخرى، وترجع أهمية التعرف على الهوية في أنها حجر الزاوية في تكوين الأمم باعتبارها تراكم تاريخ طويل من القيم الثابتة التي نشأت عبر عمليات اجتماعية وتاريخية.

والتبعية للدول الأخرى تُفقد الشعوب هويتها حيث يقول الدكتور “محمد سيد محمد” فى كتابه “الصحافة بين التاريخ والأدب”: لقد استوقفنى فى تاريخ الشعر العربي أن الغساسنة والمناذرة دولتان عربيتان لما يقرب من خمسة قرون على اتصال مباشر بالقوتين الأعظم فى الجاهلية وعند ظهور الإسلام، وهما: الروم والفرس، ولم يظهر فى أى منهما شاعر وكان الشعراء ينبغون في الجزيرة العربية ويذهبون لمدح ملوك الغساسنة والمناذرة، برغم أن دولتا الغساسنة والمناذرة كانتا من حيث المظهر الحضاري واستخدام الوسائل الحضارية المعاصرة ووسائل الترف أكثر من بقية أهل الجزيرة بأشواط بعيدة ولقد ألح علي السؤال: لماذا لم يظهر شاعر في أي من الدولتين على مدار خمسة قرون؟ وكانت الإجابة فى رأيي تتلخص في فقدان الذات، فقد كان مثلهم الأعلى التبعية، وهل التبعية وفقدان الذات الثقافية تجعل قلباً ينبض ؟ أن التبعية لا تنتج فناً ولا فكراً.

والهوية الثقافية لأي مجتمع يتم تشكيلها من خلال مؤسسات التنشئة الإجتماعية متمثلة في الأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام (الصحافة والإذاعة والتليفزيون، ….. إلخ) ودور العبادة والنوادي الرياضية والأدبية وجماعات الرفاق، وغيرها من المؤسسات الإجتماعية التي لها دور في صياغة الشخصية القومية للمجتمع، فالتمسك بالهوية الثقافية هو محاولة من الشعوب التي عانت من الإستعمار لإيجاد موضع متكافئ على خريطة العالم، والتكافؤ هنا لا يعني التماثل بل حق الإختلاف، فبإستعانتها بالتماسك القومي تسعى الشعوب المهمشة إلى تجاوز الدور الثانوي الذي فرضه عليها الإستعمار قديماً والهيمنة الغربية حديثاً.

فالهوية ليست مجرد حمل جنسية الدولة التي يعيش فيها الشخص، وإنما هي شعور بالإنتماء والولاء وتقبل القيم والأفكار، وإتباع أساليب الحياة السائدة في المجتمع، ومشاركة وجدانية في أمال وطموحات المجتمع وإندماج عاطفي وفكري مع بقية السكان والمواطنين.

أبو تمام

 

   يمثل “أبو تمام” مرحلة متطورة فى مسيرة الشعر العربى، فقد سبق عدداً من شعراء المرحلة العباسية، من أمثال: “مسلم بن الوليد”، و”أبى نواس”، و”أبى العتاهية” حيث طرق كل موضوعات الشعر تقريباً وقدم منها معانى جديدة وألواناً بهيجة. وهو “حبيب بن أوس الطائى”، ولد بقرية جاسم قرب دمشق سنة 190هـ، رحل إلى مصر في بداية حياته واتصل بجامع “عمرو بن العاص” الذى كان بمثابة مدرسة ضخمة للعلم والأداب والفقه وسائر أنواع الثقافة الإسلامية والعربية، ويذكر أنه عمل سقاء فى المسجد، فمضى يستمع إلى الدروس التى كانت تلقى فيه، واستطاع أن يستوعب كثيراً من ضروب العلم والمعرفة فى هذه المرحلة.

   واتصل “أبو تمام” فى مصر بشاعر مصرى مشهور فى ذلك الوقت وهو “يوسف السراج” وكانت الصلة بينهما صلة هجاء، وكان شاعراً يأخذ نفسه بالغريب وبالتعمق فى المعانى فعابه “أبو تمام” بهذا، ولكن ما لبث حين تعرف على أسرار “يوسف السراج” أن تأثر به، وكان “أبو تمام” محباً للتنقل والرحلات، وفى أثناء هذه الرحلات جمع “أبو تمام” ديوان الحماسة فى خرسان عندما كان هناك يمدح أميرها “عبد الله بن ظاهر”، وأثناء عودته سقط الثلج فلم يتمكن من مواصلة سفره، فاستقر فى همذان عند “أبى الوفاء بن سلمة”، وكانت له مكتبة ذاخرة عكف عليها حتى يذوب الثلج وتعود طرق المواصلات كما كانت، وفى هذه الأثناء جمع ديوان الحماسة.

   وقيل أنه حفظ أربعة عشر ألف أرجوزة من أراجيز الحرب غير القصائد والمقطوعات، وكان يحمل ديواني “مسلم بن الوليد” و”أبى نواس” أينما ذهب وقد سئل عنهما، وكانا فى شكل حزمتين من الأوراق واحدة عن يمينه والأخرى عن شماله، فأجاب: أما التى عن يمينى فاللات وأما التي عن يسارى فالعزى، وأنا أعبدها منذ عشرين سنة. وقد رمى بالكفر لهذا القول. وتوفى عام 226هـ وهو في الثلاثين من عمره وكان والياً على الموصل وقتها، وقيل فى أوصافه بأنه كان أسمر اللون طويلاً حلو الكلام فى لسانه جسة.

من شعر أبي تمام:

خليفة الخضر من يربع على وطن … فى بلدة فظهور العيش أوطاني

بالشام أهلى وبغداد الهوى … وأنا بالرقتين وبالفسطاط اخواني

وما أظن النوى ترضى بما صنعت … حتى تطوح بى أقصى خرسان