الهوية المصرية الفرعونية

بقلمسارة الليثي

  الهوية الثقافية للمجتمعات هي عامل تحرير للأمم فى المقام الأول، ومن ثم تبدو مبرراً لحركات الاستقلال ومقاومة الاستعمار وبالنسبة للدول النامية تظل الهوية الثقافية ضماناً لوجودها كأمة فالتنمية الذاتية للشعوب يجب أن تأخذ في اعتبارها القيم الثقافية الأصيلة، والمعاني الخاصة لهذه الشعوب، ويجب بأى حال من الأحوال ألا تضيع الهوية الثقافية للأمم على حساب خضوعها للمصالح الأجنبية وتأكيد الهوية الثقافية لكل شعب من الشعوب سواء أكان من الدول الكبرى أو لم يكن وسواء لديه فيض من الموارد والإمكانات التقنينية أو لا يزال من البلاد النامية هو أساس التعدد الثقافى.

   وترجع أهمية التعرف على الهوية فى أنها حجر الزاوية في تكوين الأمم باعتبارها تراكم تاريخ طويل من القيم الثابتة التي نشأت عبر عمليات اجتماعية وتاريخية، ويتدخل التراث والتكوين الفكري والروحي والنفسي للشعب وسلوكه وتقاليده ونمط حياته ضمن نتاج وطني وقومي وباستيعاب عناصر الثقافة الأخرى وهضمها لينتج عنها الخوية الخاصة لكل أمة. ولذا وجب علينا معرفة تاريخ هويتنا لنستشف منها مستقبلنا فمن يتنكر لماضيه وهويته يخسر حاضره ومستقبله ويتحول لتابع ذليل لغيره!

أولاً: الديانة المصرية القديمة:

   الديانة المصرية القديمة كانت وثنية، وهي من أقدم صور الديانات الوثنية، وقد وصفت الحكمة والديانة المصرية القديمة بأنها فجر الضمير  Down of Conscienceوهو عنوان كتاب لعالم المصريات “هـ . بريستيد”، وكان للخيال الخصب الذي إمتاز به عقل المصري دور مهم في تصوير الآلهة على أشكال مختلفة. والشعب المصري هو أول شعب يصل إلى الوجدانية في العالم، وقد توصل إلى فكرة التوحيد والبعث من خلال التعامل مع الأرض وحياة النماء، وربط الطبيعة بهذا كله حيث ربط مصيره وحياته بالشمس وتصور رحلة الشروق والغروب، وتوصل إلى أن الإنسان ينتقل بعد مماته إلى عالم آخر.

   وكان للديانة المصرية جانبان: جانب داخلي يتم داخل المعبد، وجانب خارجي يتم في الساحات وأمام المعابد ويشترك فيه عامة الشعب. وكان لكل معبد الأعياد الخاصة به التي كانت تتضمن كذلك الأحداث الكبرى للمدينة. وكان خدم الإله لا ينسون أعياده فيأتون من الضواحي، وكانت الجعة (البيرة) تصنع تكريماً للإله، وكانوا يجلسون فوق المنازل في نسيم الليل ويدور اسم الإله فوق سطوح المنازل، وكان الشعب يتدهن ويتناول المشروبات، وكانت الأعياد إحتفالات لتخليد أحداث معينة من قصص الآلهة، وكانت تمثل أمام الشعب في مناسبات مختلفة، وقد كانت تمثل أحياناً على هيئة مآسي حقيقة مثل: إيزيس وأوزوريس.

 

ثانياً: الأزياء:

  كانت الملابس في الدولة الفرعونية تصنع من الكتان، وكان أحب الألوان إلى المصري القديم “الأبيض”. وأحب المصريون التزين؛ فلبس الرجال، والنساء العقود والأقراط والخواتم والأساور.

ثالثاً: الرياضة:

  أهتم المصريون القدماء بالرياضة؛ فكانت المصارعة هي الرياضة الأولى، وكانت تقام في الهواء الطلق، و كذلك عرفوا المبارزة، وكانت تتم بعصي قصيرة، وأهتموا كذلك بالألعاب التي تحتاج إلى التفكير، وتعتمد على الحظ؛ فكانت هناك لعبة شبيهة بالشطرنج. وولعوا كذلك بالصيد؛ فكانوا يصطادون الوعول، والغزلان، والأبقار الوحشية، والأسود الكاسرة. وكان الأمراء، والنبلاء يصطادون بعصي الرماية.

رابعا:ً الفنون التشكيلية:

   عبر الفنان المصري القبطي القديم عن الطبيعة في الرسوم الآدمية والحيوانية وسعى لتجديدها، هو مسيحي مخلص كره الماديات واتجه إلى الرموز. وظهر النسيج القباطي، وهو الإسم الذي أطلقه العرب على النسيج المصري الذي حاز شهرة كبيرة نسبة إلى أقباط مصر. واحتفظ الأقباط في بناء كنائسهم وأديرتهم بخصائص فن العمارة الفرعونية في المعابد، ومنها: سمك الحوائط وقلة الفتحات والنوافذ وبروز الزخارف الظاهرة على النوافذ المغطاة بالزجاج الملون.

خامساً: الموسيقى:

  عرف المصريون القدماء بحبهم للموسيقى، وإقبالهم عليها، ويستوي في ذلك العامة والخاصة، كما احتلت مكانة رقيقة في قلوبهم. وقد ولع المصريون بتناول الطعام على نغمات الموسيقى، كما انتشرت عادة إحضار فرقة موسيقية كاملة لتعزف للضيوف وتساهم في الرقص والغناء أثناء الحفلات. وقد تكونت هذه الفرق في بادئ الأمر من الرجال ثم إزداد بمرور الأيام عدد النساء في تلك الفرق حتى إقتصر بعضها عليهن فقط. كما كان للموسيقى مكانتها في المعبد عند إقامة الشعائر الدينية وكذلك في الجنازات والأعياد والحفلات العامة.

  وقد امتلأت النقوش الخاصة بالمعارك الحربية بصور الجنود ينفخون في الأبواق أو يقرعون الطبول. كان للموسيقى المصرية القديمة طابعها الخاص وذوقها الرفيع الذي أثار إعجاب الزائرين الأجانب وخاصة الإغريق. وكان المصري القديم يغني في البيت وأثناء العمل وقد دونت أغاني كثيرة على البردي، أو نقشت بجوار الصور، وهي تعبر عن الأغاني العاطفية وأغاني العمل أو الصيد والأناشيد الدينية. واهتم المصريون بإقامة الإحتفالات التي تعددت وتنوعت حيث كانت هناك أعياد رأس السنة والربيع والفيضان والبذر والحصاد ومواكب آمون، والإحتفال بتتويج فرعون وجلوسه على العرش.

  وتطورت الآلات الموسيقية خاصة في عهد الدولة الحديثة، ومن أهمها: المزمار، والطبول. والغناء عرف منه نوعان: الفردي والجماعي: ففي الفردي يقوم المغني بالغناء بمصاحبة الموسيقى، أما في الجماعي فتغني مجموعة من المنشدين يصاحبهم التصفيق بالأيدي. وارتبط الرقص بالموسيقى والغناء وتنوعت ألوانه، فكان هناك: رقص السمر الذي تتمايل فيه الفتيات في خفة ورشاقة، والرقص الإيقاعي الذي يشبه الباليه، والرقص الديني، وكان يمارس في المناسبات والأعياد الدينية وعند تشييع الجنازات، والرقص الحركي والرياضي، وكان يتم بمصاحبة الموسيقى

سادساً: الحياة الثقافية:

    كانت الإسكندرية مركزاً للعلم والفن في العصر الروماني، وظلت جامعتها تجذب العلماء وتزداد شهرتها خاصة في الطب، وازدهرت بها علوم الهندسة والميكانيكا، والجغرافيا والتاريخ، والفلسفة. ومن أشهر فلاسفة الإسكندرية الفيلسوف “أفلوطين” الذي عاش في القرن الثالث الميلادي، وهو مصري من أسيوط، وقد سافر مع الجيش الروماني إلى الشرق، ليقف على حكمة الهند وبلاد فارس، ولذلك جمعت فلسفته بين الفكر الإغريقي والفكر الشرقي.

   وفي الحقبة القبطية شغلت المسيحية الناس، وانتشرت اللغة القبطية بوصفها لغة وطنية، وأصبحت الإسكندرية حاضرة الثقافة والعلم والأدب والفن. ووجدت بها مكتبات خاصة يملكها أفراد يتم إعارة ما بها للقراء. وكان بها دار خاصة للدراسة والبحث أطلق عليها (الموسيون)، ومعناها (ربات الفنون التسعة)، وألحق بها مكتبة كبيرة جمعت معظم تراث الإنسانية، وبلغ عدد لفائف البردي التي دونت عليها الكتب 700 ألف لفافة.

  وظهرت مدارس عامة شملت الدراسة فيها: الفلسفة والنحو والطب والنقد، كما كان لمدارس الأديرة دور هام في تعليم أبناء الشعب، أو تعليم الرهبان أنفسهم. وظهر في هذه الفترة أدب العظات الذي اتخذ شكل مواعظ تتعلق بالأمور الدنيوية، كما ظهر أدب الحكمة، وشمل الأدب قصص القديسين وشرح الأناجيل وتراجمٍ شهداء الأقباط، وكان الغرض منها العظة والحث على الفضائل ومكارم الأخلاق. واشتهرت مدرسة الطب بالأسكندرية وشهدت مجموعة من الأطباء البارعين، مثل: بازيليكوس، سرجيوس، واتيكيوس. وقد وفد إليها الطلاب من كل مكان.

   ودرس في الأسكندرية إلى جانب الفلسفة والطب الفقه في علوم الدين المسيحي والأدب والشعر والفلك والتنجيم والجغرافيا، وعلم التاريخ الذي حاز قدراً كبيراً من الإهتمام، ومن أشهر المؤرخين في الحقبة القبطية حنا النفيوس.

 

الإعلان

أبوبكر الرازي أعظم أطباء الإنسانية

كتبت: سارة الليثي

    “أبو بكر محمد بن يحيى بن زكريا الرازي” عالم وطبيب فارسي. هو أحد أعظم أطباء الإنسانية على الإطلاق كما وصفته “زجريد هونكه” في كتابها “شمس العرب تسطع على الغرب” حيث ألف كتاب الحاوي في الطب الذي يضم كل المعارف الطبية منذ أيام الإغريق حتى عام 925 م وظل المرجع الرئيسي في أوروبا لمدة 400 عام بعد ذلك التاريخ . وهو أول من ابتكر خيوط الجراحة وصنع المراهم وله مؤلفات في الصيدلة ساهمت في تقدم علم العقاقير. وله 200 كتاب ومقال في مختلف جوانب العلوم.

حياته ونشأته

   كان مولده في مدينة الري بالقرب من مدينة طهران الحديثة. وعلى الأرجح أنه ولد في سنة 251 هـ / 865 م. وأتم دراساته الطبية في بغداد في مقتبل شبابه، ثم عاد إلى مدينة الري بدعوة من حاكمها “منصور بن إسحاق” ليتولى إدارة مستشفى الري. وقد ألف الرازي لهذا الحاكم كتابه “المنصوري في الطب” ثم “الطب الروحاني” وكلاهما متمم للآخر، فيختص الأول بأمراض الجسم والثاني بأمراض النفس. واشتهر الرازي في مدينة الري، ثم انتقل منها إلى بغداد.

كتب الرازي الطبية

   يذكر كل من ابن النديم والقفطي أن الرازي كان قد دون أسماء مؤلفاته في “فهرست” وضعه لذلك الغرض. ومن المعروف أن النسخ المخطوطة لهذه المقالة قد ضاعت مع مؤلفات الرازي المفقودة. ويزيد عدد كتب الرازي على المائتي كتاب في الطب والفلسفة والكيمياء وفروع المعرفة الأخرى. ويتراوح حجمها بين الموسوعات الضخمة والمقالات القصيرة، وتمت ترجمة كتب الرازي إلى اللغة اللاتينية ولا سيما في الطب والفيزياء والكيمياء كما ترجم القسم الأخير منها إلى اللغات الأوروبية الحديثة ودرست في الجامعات الأوروبية لا سيما في هولندا حيث كانت كتب الرازي من المراجع الرئيسية في جامعات هولندا حتى القرن السابع عشر.

ذكائه

   وهنالك قصة شهيرة تدل علي ذكاء الرازي هي أنه قد امره احد الخلفاء ببناء مستشفي في مكان مناسب في بغداد فوضع قطع لحم في عمود خشبي في أماكن متفرقة، وكان يمر عليها لكي يرى اي القطع فسدت وأمر ببناء المستشفي في موضع آخر قطعة فسدت؛ لان جوه نقي خالي من الدخان والملوثات ومن ذلك الحدث اشتهر الرازي شهرة كبيرة بذكائة ومن المعروف انه كان يحب الشعر والموسيقي في صغرة وفي كبرة احب الطب.

   وكان الرازي طبيبا وجراحا، وهو من اعظم العلماء الفرس وكان يقرأ كثيرا ويربط بين العلم والعمل. وكانت له الشجاعة الكافية، فنقد أساطين الطب فيما لا يتفق مع الحقيقة كما يراها وأسهم بنصيب وافر في بناء صرح العلم، بما دونه من آراء خاصة ومشاهدات دقيقة.