عاهدت نفسها مراراً أن لا تقع ثانية في نفس الخطأ، عاهدت قلبها أن لا تؤلمه بتلك الطريقة البشعة ثانيةً، لازالت تذكر تلك الأوقات عندما كانت معه، لم يكن لها من وجود في تلك الحياة سوى أن يكون مقترناً بوجوده، كانت تأتمر بأمره وتنتهي بنهيه، كانت كالدمية بين يديه وهو من يملك كافة خيوطها يحركها كيف يشاء وقتما شاء، كانت كقطعة سكر ذابت في فنجان شاي فلم يعد لها وجود، هي قطعاً تضيف مذاقاً حلواً للشاي ولكنها في سبيل ذلك تختفي عن الوجود ولا يذكرها أحد، بينما يظل الشاي باقياً لآخر رشفة في الفنجان.
وعندما تذوب في فنجان الشاي فهي لا تستطيع الانفصال مرة أخرى، تظل مرتبطة بوجوده للنهاية ولا يكون لها أي هوية خاصة، كذلك كانت هي، كانت كقطعة السكر تلك، ذائبة في حبه ولا وجود لها سوى ما يقترن بوجوده. لولا آدميتها التي حباها الله بها، لولا أنها لم تكن مجرد قطعة سكر فعلاً، لما أستطاعت الفكاك من وجوده، ولكن ذلك الفكاك –أو أنه ذلك الذوبان- كلفها كثيراً، فقد أمضت سنوات غالية من عمرها تضمد جراحها وتكفكف دموعها وحدها بينما مضى هو في حياته غير عابئاً بشيء كأنها لم تكن يوماً هنا!
لقد احتاجت لسنوات حتى تعيد بناء ذاتها ويكون لها كياناً مستقلاً غير ذاك الذي ذاب وانمحى، اعتقدت أنها تخلصت منه ومن ضعفها، وعاهدت نفسها أن لا تكرر الخطأ، ولكنها كانت واهمة، فالخطأ لم يكن منه بل هو خطأها هي، وهي لا تزال كما هي، فتاة رقيقة حالمة تسلم كل أسلحتها أمام الحب، وتعطي كل شيء بدون مقابل، فهي في الحب لا يؤمن قلبها بالحلول الوسط، فهو إما أن يحب فيعطي كل شيء، أو لا يحب فلا يعطي شيء.
وهاهي مرة أخرى تقع في الحب لتجد نفسها لم تتعلم شيء البتة، لتجد نفسها تخلف كل وعودها وتكرر نفس أخطائها، الفرق فقط أنها تعلم كيف ستكون النهاية!