جولة في الكتب: رحلة ابن بطوطة (تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار) مع رابط تحميل الكتاب

عبد الله بن جزي

    من منا لا يتمنى أن يجوب العالم ويزور مختلف البلدان، ينهل من كل الثقافات ويعيش مختلف الحضارات؟! وعلى الرغم من سهولة السفر ووسائل النقل وقلة مخاطرها في أيامنا هذه إلا أن قلة قليلة هم من يستطيعون تحقيق ذلك الحلم، ولكن في غابر الزمان عندما كانت وسائل السفر المتاحة هي فقط الدواب على طريق البر والسفن المتهالكة على طريق البحر، مع ما يعترضهما من أهوال ومخاطر سواء لنفاذ الزاد في أماكن مهجورة أو هجوم قطاع الطرق وقراصنة البحار، جاب “ابن بطوطة” بلدان العالم المعروفة وقتها!

    فقد تنقل “ابن بطوطة” بين قارات العالم القديم الثلاث: أفريقيا وآسيا وأوروبا، حيث بدأ رحلته بهدفه في التوجه لزيارة بيت الله الحرام انطلاقاً من وطنه الأصلي بالمغرب مروراً على الشام ومصر التي جاب أغلب محافظاتها وسجل مشاهداته عنها خاصة مع خروج محمل كسوة الكعبة متوجهاً مع قافلة الحجيج إلى بيت الله الحرام، ومن هذه الرحلة انطلق شغفه بالسفر والترحال؛ فجاب بلاد العرب والترك والروم والهند حتى وصل للصين، على الرغم من أن هناك الكثيرين يشككون في وصوله لكل تلك البلدان.

    وسبب تكذيبهم له أن خلال سرده للرحلة كان يقفز من مكان لآخر فجأة على الرغم من وجود جبال وسدود وأنهار يصعب تخطيها بين المكانين مع عدم الإتيان على ذكرهم، ولكن لا بد أن نذكر هنا أنه قد أملى رحلته للكاتب “عبد الله بن جزي” بأمر من سلطان المغرب “أبو عنان المريني” بعد عودته إليه وانتهاء رحلته التي كانت قد استغرقت ربع قرن تقريباً، فربما نسى أشياء أو أن هناك أحداث رآها الكاتب غير مهمة وأسقطها أثناء الكتابة.

    إلا أن هذا لا يمنع أيضاً أن هناك بعض الأحداث الغرائبية التي أوردها “ابن بطوطة” في رحلته وادعى أنه رآها تصعب على التصديق، ولم نسمع بها من قبل أو من بعد، كمثل ذكره لساحرات هنديات يأكلن قلوب ضحاياهن بمجرد النظر وأنه عرف عنهم ذلك بشق صدور ضحاياهم فلم يجدوا لهم قلوب، كما كان يصور نفسه بمظهر الرجل “السوبر مان” حيث يقتحم الأهوال ويدخل الحروب ويصارع البحار ودائماً ما تحدث معجزة ما تنقذ حياته، ومن ما ذكره عن قدراته الخارقة في جزيرة ذيبة المهل التي هي جزائر المالديف الآن أن كان له بها أربع نسوة وجوار سواهن فكان يطوف على جميعهن كل يوم!

     وقد ذكر من الغرائب والعجائب التي رآها في بلاد الهند لو صدقت فإذاً ما يعرض في الأفلام الهندي لهو قليل وأمر عادي لا يدعو للاستغراب. ومن الأشياء التي قد تفقد “ابن بطوطة” مصداقيته هو تملقه الشديد لسلطان المغرب الذي أمر بكتابة الرحلة حيث قال عنه: “أنستني هيبته سلطان العراق، وحسنه حسن ملك الهند، وحسن أخلاقه خلق ملك اليمن، وشجاعته شجاعة ملك الترك، وحلمه حلم ملك الروم، وديانته ديانة ملك تركستان، وعلمه علم ملك الجاوة”.

      إلا أن ذلك كله لا ينفي قيمة تلك الرحلة على المستوى الأدبي والعلمي، فهي تعد أول توثيق لتلك البلدان وشعوبها وعاداتهم وحياتهم وحضاراتهم، ودائماً وأبداً لا يخلو العمل الأسبق من هنات وأخطاء لعدم وجود مثل يحتذى به وخبرة يتتبعها ويكفيه شرف السبق، وكعادة كل مفاخرنا فإنها ليست بين أيدينا، فالمخطوط الأصلي لرحلة ابن بطوطة بخط الكاتب المحترف “عبد الله بن جزي الكلبي” محفوظاً في المكتبة الوطنية لباريس، والذي لا بد وأنهم استولوا عليه أثناء احتلالهم للمغرب مع ما استولوا عليه من كنوزنا وآثارنا العربية.

    وقد نشرت رحلة ابن بطوطة للمرة الأولى عام 1853م مع ترجمة فرنسية للمستشرقين الفرنسي “شارل فرانسوا ديفريمري” والإيطالي “سانجينيتي” لننقله نحن عنهم!!!!

رابط تحميل كتاب رحلة ابن بطوطة:

https://www.file-up.org/x3e4wv27bplt

الإعلان

عمرو بن كلثوم

  هو “عمرو بن كلثوم بن عتاب” ينتمي إلى قبيلة “تغلب”، كان أبوه “كلثوم” سيد قومه، وأمه “ليلى بنت مهلهل بن ربيعة” البطل الأسطوري العظيم الذي عرف في السير الشعبية بـ “الزير سالم” وكان مثالاً في الشجاعة والاقدام والعز والجاه. ومن هذا النسب ورث “عمرو بن كلثوم” الزعامة والعزة والفروسية حتى صار زعيماً لقبيلة تغلب وهو في الخامسة عشرة من عمره بعد وفاة والده، وقد ألقت به الحروب الدائرة بين قبيلتي بكر وتغلب –والتي سميت بحرب البسوس- في أتونها، فأبلى بلاء حسناً.

     وقد اشتهر “عمرو بن كلثوم” بأنه أعظم فُتاك العرب، حتى ضُرب به المثل، فقيل: “أفتك من عمرو بن كلثوم”. وقد رُوي أن “عمرو بن هند” –وكان حاكماً على بلاد العراق- قال يوماً في مجلسه: أتعلمون أحداً من العرب تأنف أمه من خدمة أمي؟

   فقالوا: لا نعلم إلا “ليلى بنت مهلهل” فإن أباها “مهلهل بن ربيعة” وعمها “كليب بن وائل” وزوجها “كلثوم بن عتاب” فارس العرب، وابنها “عمرو بن كلثوم” سيد قومه.

   فأرسل “عمرو بن هند” إلى “عمرو بن كلثوم” طالباً منه زيارته هو وأمه، فأقبل مع أمه من الجزيرة في جماعة من قبيلة تغلب. وأمر “عمرو بن هند” بإقامة حفل كبير دعا إليه وجهاء القوم وأشراف العرب، وأوعز إلى أمه أن تستخدم “ليلى بنت المهلهل” في قضاء أمر من الأمور، فلما اطمأن المجلس، قالت هند لليلي: ناوليني الطبق.

    فأجابتها ليلى: لتقم صاحبة الحاجة إلى حاجتها.

     فلما ألحت هند عليها صاحت ليلى: واذلاه!!

     سمعها ولدها “عمرو بن كلثوم”، فثار الغضب في عروقه، وسل سيفه، وأطاح برأس “عمرو بن هند”، وعاد إلى الجزيرة.

    وقد عُرف “عمرو بن كلثوم” بأنه شاعر القصيدة الواحدة، حيث لم يصلنا من شعره سوى معلقته التي كانت ضمن المعلقات السبع اللواتي علقن على جدار الكعبة لأنهن كانوا أجود شعر العرب، ومما لا شك فيه أن لـ”عمرو بن كلثوم” شعراً كثيراً ضاع مع ما ضاع من تراث شعراء كثيرين غيره، وقد عَمَّر “عمرو بن كلثوم” طويلاً، فقد توفي سنة 52 قبل البعثة المحمدية، أي أنه عاش كما تقول بعض الكتب مائة وخمسين سنة.

   ورُوي أن “عمرو بن كلثوم” حين وافته المنية جمع بنيه، وأوصاهم قائلاً: “يا بني.. قد بلغت من العمر ما لم يبلغه أحد من آبائي، ولابد أن ينزل بي ما نزل بهم من الموت، وإني والله ما عيرت أحداً بشيء إلا عُيرت بمثله.. إن كان حقاً فحقاً، وإن كان باطلاً فباطلاً، ومن سب سُب، فكفوا عن الشتم فإنه أسلم لكم، وأحسنوا جواركم يحسن ثناؤكم، ورُب رجل خير من ألف. وإذا حُدِّثتم فعوا، وإذا حدثتم فأوجزوا، فإن مع الإكثار يكون الإهذار، وأشجع القوم العطوف بعد الكره، كما أن أكرم المنايا القتل، ولا خير فيمن لا روية له عند الغضب”.

شعبان شهر الخير والبركات

بقلم: سارة الليثي

   أهل علينا اليوم شهر شعبان وهو شهر مبارك يغفل عنه الناس عن ما فيه من أفضال حيث يتوسط الشهر الحرام رجب وشهر الصيام رمضان، ولكنه يحمل في طياته الكثير من الخير والبركات، ففيه ترفع الأعمال إلى الله فعن “أسامة بن زيد” (رضي الله عنه) قال: قلت: يا رسول الله لم أرك تصوم شهراً من الشهور ما تصوم من شعبان، قال: ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم” رواه الألباني.

   وعن “عائشة” (رضي الله عنها) قالت : “كان أحب الشهور إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصومه شعبان ثم يصله برمضان”. وفي شهر شعبان كان تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى الكعبة المشرفة بعد الهجرة إلى المدينة المنورة تحقيقاً لرغبة الرسول (صلى الله عليه وسلم) حتى تختلف أمة الإسلام في قبلتها عن الأمم الآخرى وتكون وجهتها لبيت الله الحرام، فقد قال الله تعالى: “قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره” {البقرة: 144}.

   وعن “البراء بن عازب” (رضي الله عنه):أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى إلى بيت المقدس ستة عشر شهراً أو سبعة عشر شهراً وكان يعجبه أن تكون قبلته إلى البيت وأنه صلى أو صلاها صلاة العصر وصلى معه قوم فخرج رجل ممن كان معه فمر على أهل مسجد وهم راكعون فقال: أشهد بالله لقد صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم قِبل مكة. فداروا كما هم قِبل البيت وكان الذي مات على القبلة قبل أن تحول رجال قتلوا لم ندر ما نقول فيهم فأنزل الله: “وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرؤف رحيم” رواه البخاري.

   وانتهز اليهود الفرصة للتشكيك في الاسلام وانه ليس من عند الله الذي شرع قبلة اليهود والنصارى إلى المسجد الأقصى وأدى ذلك إلى تشك بعض حديثي الايمان الذين لم يستقر الإيمان في قلوبهم واعلان المنافقين لانشقاقهم عن الاسلام؛ فأنزل الله تعالى قوله: “وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله” {البقرة: 143}، وكان لشهر شعبان منزلة عظيمة عند السلف الصالح فقد قالوا فيه:

    قال “سلمة بن كهيل”: كان يقال شهر شعبان شهر القراء. وكان “عمرو بن قيس” إذا دخل شهر شعبان أغلق حانوته وتفرغ لقراءة القران، وقال “أبو بكر البلخي”: شهر رجب شهر الزرع، وشهر شعبان شهر سقي الزرع، وشهر رمضان شهر حصاد الزرع، وقال أيضاً: مثل شهر رجب كالريح، ومثل شعبان مثل الغيم، ومثل رمضان مثل المطر، ومن لم يزرع ويغرس في رجب، ولم يسق في شعبان فكيف يريد أن يحصد في رمضان، فعلينا أن نستثمر تلك المنحة الربانية في هذا الشهر لنخرج منها بربح عظيم يعيننا في دنيانا وآخرانا.

   وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): “إن لله في أيام الدهر نفحات فتعرضوا لها، فلعل أحدكم أن تصيبه نفحة فلا يشقى بعدها أبداً” فنرجو الله أن نكون منهم في هذا الشهر، بارك الله لنا ولكم فيه، اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام.