جولة في الكتب: أثقل من رضوى

رضوى عاشور

  لا أعتقد أن بامكان أحد أن يكتب عن كاتب بأكثر ما يمكنه هو الكتابة عن ذاته، خاصة عندما يكون هذا الكاتب بحجم العظيمة “رضوى عاشور” (رحمها الله)، لم يكن قلمها قلماً عادياً يسطر بعض الأحرف بشكل منمق باحثاً عن جماليات اللغة وباعثاً على تسلية الوقت بالكلمات، كانت تحمل قضية أمة، كانت تترسم خطى حضارة خلفناها وراء ظهورنا وجهلناها، كانت تحرص على بعثها من الماضي لنعي ماضينا ونرسم مستقبلنا، ربما ساعدها في ذلك تخصصها الأكاديمي واطلاعها الواسع على الأدب العالمي بمختلف فروعه.

   في كل رواية من رواياتها كنت أتلمسها في بطلة الرواية، أشعر أن بها شيئاً من ملامحها بخلاف الروايات التي كتبتها في الأصل مقتبسة عن أحداث حياتها الشخصية كرواية أطياف والرحلة وكتاب سيرتها الذاتية “أثقل من رضوى” والذي تضمن سنواتها الأخيرة في رحلتها مع المرض وأحداث الربيع العربي، من قرأ الكتاب قد يعي أنه لم يكن كتاب سيرة ذاتية بقدر ما هو تأريخاً لحقبة زمنية من أهم الفترات في عصرنا الحديث، لم تكن تروي أحداث حياتها الشخصية بقدر ما كانت تصب اهتمامها على تسجيل أحداث الثورة وما تلاها في فترة تولي المجلس العسكري شئون البلاد.

    أمضت حياتها تحارب بقلمها، تحارب الظلم والاستبداد في وقت كانت البلاد تغرق في الظلام ولم يكن يعبأ بها أحد، دفعت ثمن حربها تلك غالياً من استقرارها الأسري وحياتها الشخصية حيث تم نفي زوجها “مريد البرغوثي” -فلسطيني الجنسية- من البلاد مما أدى لتشتت أسرتها الصغيرة، ومع ذلك لم تكل أو تمل من وقوفها في وجه الطغيان لآخر لحظة من حياتها، شاركت في أحداث ثورة يناير بقدر ما استطاعت بعد أن عاقها مرضها وعلاجها في الخارج لفترة من المشاركة.

   ولكن عندما عادت إلى مصر لم تعقها آثار المرض والجراحات المتتالية التي أجرتها في الخارج عن المشاركة في كل الأحداث التالية سواء في التحرير أو محمد محمود أو مظاهرات الجامعة في جامعة عين شمس التي كانت أستاذة لطلابها، الذين علمتهم معنى الحرية والكرامة وأخلاقيات الثورة، ووقفت جانبهم في ثورتهم تدافع عن حقوقهم وتتصدى معهم لبلطجية الطلبة الذين ظهروا جلياً في تلك الفترة لقمع الطلاب والتصدي للثورة، ظلت على كفاحها وحريتها إلى أن توفيت مساء الأحد 30 نوفمبر 2014 عن عمر يناهز 68 عاماً لتظل أيقونة ورمز وقدوة لطلابها وقرائها من التقوا بها وعرفوها شخصياً ومن التقوا بها وعرفوها على صفحات ابداعاتها.

الإعلان

صلاح السقا…. رائد مسرح العرائس في الوطن العربي

كتبت: سارة الليثي

    من منا لا يعرف أوبريت الليلة الكبيرة الشهير؟! فقد كنا نجتمع صغاراً حول التلفاز لمشاهدته في كل عيد ومناسبة، ومن قبلنا آبائنا حيث عرض لأول مرة في 1 مايو 1961، ذلك الأوبريت الذي اشترك فيه بالغناء كبار مطربي مصر: سيد مكاوي وشفيق جلال وعبده السروجي ومحمد رشدي وحورية حسن واسماعيل شبانة وصلاح جاهين وشافية أحمد، ووضع كلماته صلاح جاهين ولحنه سيد مكاوي، ولكن أكثر ما أضفى على ذلك الأوبريت روحاً وتميزاً هو تأدية العرائس الماريونت له.

     ففي ظني لو كان هذا الأوبريت مجرد أغنية أداها هؤلاء المطربون الكبار لما كتب لها هذا الخلود، وكذلك لو كانت أديت بفرقة بشرية، فكم من مرات حاولت فرق باليه وجمباز تأدية عروض مسرحية باستخدام هذا الأوبريت ولكن لم تلقى اقبالاً كالعرض الأصلي باستخدام العرائس الماريونيت، وخلف هذا التميز وعظمة الاداء المسرحي للعرائس الماريونيت يقف المخرج الكبير صلاح السقا الذي يجهله كثير منا ومن يعرفه قد لا يعرف عنه سوى أنه والد الفنان أحمد السقا وكان يعمل بالاخراج المسرحي، ولكننا نجهل أنه هو أول من أسس فن مسرح العرائس في مصر والوطن العربي كله.

   فقد فضل المخرج الكبير صلاح السقا فن العرائس عن المحاماة؛ فبعد تخرجه من كلية الحقوق جامعة عين شمس لم يعمل بالمحاماة بل توجه لتعلم فن تحريك العرائس على يد الخبير سيرجي أورازوف الأب الروحي لفناني العرائس في العالم، وسافر بعدها إلى رومانيا ليدرس الإخراج المسرحي وتخصص في فن العرائس، وبعد عودته إلى مصر حصل على الماجستير في الاخراج من معهد السينما عام 1969 بعد أن أخرج أوبريت الليلة الكبيرة، وكان قد قدم قبلها العديد من الأعمال الفنية التي أثرت في تاريخ صناعة الفن بمصر منها: حلم الوزير سعدون، حسن الصياد، الأطفال يدخلون البرلمان، خرج ولم يعد.

    وقد تعاون مع كبار الكتاب والشعراء في تقديم عروضه المسرحية المختلفة، مثل: الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي في عرض مقالب صحصح وتابعه دندش، والشاعر سيد حجاب في عرض أبو علي، وصلاح جاهين في الليلة الكبيرة وعودة الشاطر حسن وعقلة الاصبع والديك العجيب، ولم يكتف باسهاماته المسرحية في مصر بل ساهم في انشاء العديد من مسارح العرائس بالدول العربية مثل: سوريا والكويت وقطر وتونس والعراق، كما أجرى العديد من البحوث والدراسات حول تاريخ فن العرائس والتي أصبحت مقرراً دراسياً على طلاب معاهد السينما والمسرح وكليات التربية.

    وقد حصل صلاح السقا على العديد من الجوائز من مصر والدول العربية والأجنبية منها الجائزة العالمية الثانية من بوخارست في بداياته الفنية وفى 1973 حصل على الجائزة الأولى ببرلين، كما نال شهادة تقدير من الولايات المتحدة الأمريكية في 1980 كما منحه عمدة بلدة مستل باخ بالنمسا وسام خاص بمناسبة عرض الليلة الكبيرة عام 1989، وكانت النمسا كرمته من قبل عام 1980، ونال الدرع المميز من مهرجان جرش الأردن 1985، وتقلد الميدالية الذهبية لمهرجان دول البحر المتوسط بإيطاليا 1986، كما كرمه المهرجان القومى للمسرح بعد وفاته.

      وتوفي صلاح السقا صباح يوم السبت 25 سبتمبر 2010م في مستشفى الشروق بالمهندسين متأثراً بهبوط في القلب وقصور في وظائف الكلى عن عمر يناهز 78 عاماً حيث ولد في 11 مارس 1932م، تاركاً ارثاً عظيماً من الأعمال الفنية التي أثرت في التراث الفني المصري.

رضوى عاشور… أديبة ثورية

 

كتبت: سارة الليثي

  لا أعتقد أن بامكان أحد أن يكتب عن كاتب بأكثر ما يمكنه هو الكتابة عن ذاته، خاصة عندما يكون هذا الكاتب بحجم العظيمة “رضوى عاشور”، لم يكن قلمها قلماً عادياً يسطر بعض الأحرف بشكل منمق باحثاً عن جماليات اللغة وباعثاً على تسلية الوقت بالكلمات، كانت تحمل قضية أمة، كانت تترسم خطى حضارة خلفناها وراء ظهورنا وجهلناها، كانت تحرص على بعثها من الماضي لنعي ماضينا ونرسم مستقبلنا، ربما ساعدها في ذلك تخصصها الأكاديمي واطلاعها الواسع على الأدب العالمي بمختلف فروعه.

   في كل رواية من رواياتها كنت أتلمسها في بطلة الرواية، أشعر أن بها شيئاً من ملامحها بخلاف الروايات التي كتبتها في الأصل مقتبسة عن أحداث حياتها الشخصية كرواية أطياف والرحلة وكتاب سيرتها الذاتية الأخير “أثقل من رضوى” والذي تضمن سنواتها الأخيرة في رحلتها مع المرض وأحداث الربيع العربي، من قرأ الكتاب قد يعي أنه لم يكن كتاب سيرة ذاتية بقدر ما هو تأريخاً لحقبة زمنية من أهم الفترات في عصرنا الحديث، لم تكن تروي أحداث حياتها الشخصية بقدر ما كانت تصب اهتمامها على تسجيل أحداث الثورة وما تلاها في فترة تولي المجلس العسكري شئون البلاد.

    أمضت حياتها تحارب بقلمها، تحارب الظلم والاستبداد في وقت كانت البلاد تغرق في الظلام ولم يكن يعبأ بها أحد، دفعت ثمن حربها تلك غالياً من استقرارها الأسري وحياتها الشخصية حيث تم نفي زوجها “مريد البرغوثي” -فلسطيني الجنسية- من البلاد مما أدى لتشتت أسرتها الصغيرة، ومع ذلك لم تكل أو تمل من وقوفها في وجه الطغيان لآخر لحظة من حياتها، شاركت في أحداث ثورة يناير بقدر ما استطاعت بعد أن عاقها مرضها وعلاجها في الخارج لفترة من المشاركة.

   ولكن عندما عادت إلى مصر لم تعقها آثار المرض والجراحات المتتالية التي أجرتها في الخارج عن المشاركة في كل الأحداث التالية سواء في التحرير أو محمد محمود أو مظاهرات الجامعة في جامعة عين شمس التي كانت أستاذة لطلابها، الذين علمتهم معنى الحرية والكرامة وأخلاقيات الثورة، ووقفت جانبهم في ثورتهم تدافع عن حقوقهم وتتصدى معهم لبلطجية الطلبة الذين ظهروا جلياً في تلك الفترة لقمع الطلاب والتصدي للثورة، ظلت على كفاحها وحريتها إلى أن توفيت مساء الأحد 30 نوفمبر 2014 عن عمر يناهز 68 عاماً لتظل أيقونة ورمز وقدوة لطلابها وقرائها من التقوا بها وعرفوها شخصياً ومن التقوا بها وعرفوها على صفحات ابداعاتها.

جوائزها