ليت هوندا … من الفقر المدقع إلى العالمية

  ولد “ليت هوندا” في عائلة فقيرة جداً في احدى مقاطعات اليابان النائية عام 1906 في 17 نوفمبر، ومن فرط فقر عائلته توفي خمسة من اخوته إثر سوء التغذية، ولم يكن هوندا محباً للدراسة والتعليم فترك المدرسة وهو في الخامسة عشر من عمره وسافر إلى العاصمة طوكيو ليعمل في ورش تصليح السيارات بعد أن وقع في غرام السيارات منذ أن رأى أول سيارة في حياته وهو طفل في قريته، وقد قال عن تلك اللحظة: “لقد تسمرت أمام أول سيارة رأيتها، واعتقد بأن هذه اللحظة ولدت لدي فكرة اختراع سيارة من تصميمي على الرغم من أنني كنت ولداً فاشلاً في تلك الأيام”.

   عمل هوندا في ورشة لتصليح السيارات لمدة 6 سنوات، حيث تعلم الكثير قبل أن يقترض مالاً ليفتح أول ورشة خاصة به لتصليح السيارات عام 1928، وفي نفس السنة حصل هوندا على براءة اختراع لتصميمه مكابح معدنية للسيارات بعد أن كانت مصنوعة من الخشب، وكانت هذه الفكرة بدايته إلى عالم الابتكار، حيث سجل أكثر من 470 ابتكار وأكثر من 150 براءة اختراع باسمه بعد ذلك،  ولكنه كان لا يزال يحلم أن يصنع سيارة باسمه وكانت سيارات التويوتا ناجحة جداً في ذلك الوقت؛ فحاول أن يتقدم للعمل بمصانعهم.

   طلبت منه شركة تويوتا أن يصنع موتوراً جديداً فصنع واحداً، ولكنه لم يناسبهم، فعاد يدرس ويحضر من جديد وحاول مرات عديدة حتى قبلوه أخيراً، ولكن الحكومة اليابانية رفضت مواصفات الموتور الذي أخترعه؛ فاستمر يدرس ثلاث سنوات أخرى، حتى وافقت الحكومة اليابانية، وبنت مصنعاً خصيصاً له، ولكن تم تفجير المصنع أثناء الحرب العالمية الثانية، فعاد يجهز لبناء مصنعه من جديد بعد انتهاء الحرب، وبعد أربع سنوات من العمل الجاد استطاع “ليت هوندا” اعادة بناء مصنعه من جديد.

    ما لبث هوندا أن افتتح مصنعه الجديد حتى حدث زلزال وانهدم المصنع، ولكنه لم ييأس، وصنع عجلات وضع فيها الموتورات التي صنعها، وكان ذلك اختراع أول موتوسيكل في العالم، وأقبل الناس على شرائها حتى أصبح لديه أكثر من 28 طلباً في أول أسبوع، فأرسل إلى كل الشركات في اليابان عن اختراعه وبدأ الاقبال يتزايد على اختراعه، لدرجة أنه حصل على جائزة أفضل اختراع موجود من إمبراطور اليابان، وأيقن هوندا بوجود سوق كبير لما أخترعه؛ فأسس شركته عام 1948م وأسماها “شركة هوندا”.

    بدأ ازدهار الشركة عام 1961 عندما بدأت تشحن 100 ألف دراجة نارية إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وفي عام 1968 كان مجموع الدراجات المشحونة إلى الولايات المتحدة الأمريكية مليون دراجة، وفي أوساط الثمانينات كانت شركة هوندا قد أخذت 60 في المئة من حصة السوق، وفي عام 1990 كانت تشحن 3 مليون دراجة في السنة، وهكذا حقق هوندا حلمه في عالم الدراجات النارية وقد جعل هذه الدراجة في متناول الجميع وبذلك أصبح جاهزاً لاجتياح عالم السيارات، دخل هوندا السوق من نقطة ضعف وهي إنتاج محركات تحافظ على البيئة حسب مواصفات الحكومة الأمريكية.

    لم يكن أحد من عمالقة صناعة السيارات مثل: جنرال موتورز، فورد، تويوتا، نيسان، مرسيدس، بي إم دبليو، بورش، قد نجح باختراع محرك صديق للبيئة، وقد أحرج هوندا الجميع عندما قام باختراع أول محرك يقاوم التلوث البيئي (cvcc) وطرح أولى سياراته بالمحرك الجديد عام 1975 التي لاقت نجاحاً باهراً فور طرحها في السوق، واستمر هوندا باستراتيجيته (السهل الممتنع) التي استعملها في صناعة الدراجات، كان هوندا ثورياً ولم يكن محبوباً من مجتمع مصنعي السيارات في اليابان، بخاصة عندما حصلت أزمة البترول عام 1974 وقرر مصنعو السيارات في اليابان رفع أسعار السيارات وتخفيض الإنتاج، أما هو فكان الوحيد الذي رفض هذه الفكرة وحاربها.

    وقد واجه هوندا هذه الأزمة بأن ضاعف الإنتاج وخفض الأسعار، وأثبت هذا القرار صحته، وبالفعل انخفضت مبيعات نيسان وتويوتا 40% وارتفعت في المقابل مبيعات هوندا 76% واستمرت في التصاعد، وفي عام 1983 كانت هوندا قد أصبحت أسرع الشركات تطوراً في العالم.  وقد حصلت سيارته “هوندا أكورد” على شرف احتلال المركز الأول للسيارات الأكثر مبيعاً في العالم الأعوام 1989،1990،1991،1992 حسب إحصاءات مجلة “كار أند تراك”، ويصف هوندا الأشخاص المحيطين به بأنه كان شخصاً عديم الصبر وثورياً، ولكنه كان يمتلك عزيمة لا تقهر ولا يستسلم أبداً لأي مشكلة ويقبل الخطأ كجزء من تطوره.

    ومن أشهر ما قاله هوندا: “عندما أنظر إلى الوراء أجد أنني لم أحصد سوى سلسلة من الأعمال الفاشلة والكثير من الندم.غير أنني في المقابل فخور بما حققته، وعلى الرغم من أنني قمت بالكثير من الأخطاء واحداً تلو الآخر، لكن ليس هناك خطأ أو فشل تكرر مرتين، لذلك أؤكد لكم أن النجاح يمثل 1% من عملنا الذي ينتج عن 99% من فشلنا”. ويعد هوندا مخاطراً من الدرجة الأولى، إذ كان يقود سيارات السباق بصورة جنونية، وأوشك على أن يلقى حتفه في أحد السباقات التي ربحها، وقبع في المستشفى لمدة 3 شهور.

     وقد نصحه الأطباء بعدم الاشتراك في السباق مرة أخرى ومع ذلك تعلم قيادة طائرة الهليكوبتر عندما كان في الستين من عمره، وتوفي هوندا في الخامس من أغسطس 1991 في طوكيو تاركاً وراءه الكثير من الإنجازات والنجاحات والدروس والعبر. لم يكن أحد يعتقد أن الطفل الفقير المعدم والآتي من قرى اليابان البعيدة المسلح بالطموح والأحلام والعزيمة والإصرار، يمكنه أن يغزو العالم بأفكاره وابتكاراته ومنتجاته، والتي غيرت العالم إلى الأفضل، وجعلت اسم هوندا المغمور وغير المعروف اسماً يعرفه كل الناس في كل أرجاء الكرة الأرضية.

الإعلان

رون سكالين وتحدي المستحيل

في يوم ما ولد طفل اسمه “رون سكالين”، كان حلمه أن يكون بطلاً من أبطال الكاراتيه في العالم، ولكنه كان مبتور القدمين، بعد أن تعرض لحادثة سير وهو في الثامنة من عمره أدت لبتر قدميه، وعلى الرغم من ذلك فقد حاول والده تشجيعه على الوصول لهدفه على قدر الإمكان؛ فكان يذهب به إلى أحد النوادي الرياضية التي تعلم الكاراتيه في منطقتهم، وكان مدرب الكاراتيه في النادي يدعى “ليزلي” أحد أبطال العالم في الكاراتيه، وقد أعجب بإصرار “رون سكالين” ورغبته في تحقيق حلمه.

    تبنى “ليزلي” “رون سكالين” رياضياً، وعلمه كيف يستخدم الكرسي المتحرك في القتال. وفعلاً تدرب “رون سكالين” وحصل على الحزام الأسود في أقل من أربع سنوات، وبعد 3 سنوات حصلت المفاجأة الكبرى حيث قام بالاشتراك ببطولة المنطقة وفاز رون فيها (وهو مبتور القدمين)
ولم يتوقف طموحه عند ذلك بل حصل بعدها على بطولة أمريكا الجنوبية وبعدها بطولة أمريكا الشمالية ثم بعد ذلك وصل لبطولة العالم وحصل عليها، حيث قرر أن يشارك في الألومبياد لعام 1970 وكان أول معاق يفوز بمثل هذه البطولة على مستوى العالم. 

    قال رون بعد فوزه بالأولمبياد: “كنت أعتقد تماماً أن ما حدث لي له سبب عند الخالق سبحانه وتعالى وأنني سأفوز مهما كانت التحديات”، ونصح كل انسان قائلاً: “اعتقد برغبة قوية أن تنجح ثم ضع هذا الاعتقاد وهذه الرغبة في الفعل ستفاجأ بالنتائج التي ستحصل عليها”، والآن أصبح لدى “رون سكالين” 12 نادي من نوادي تعليم فنون الكاراتيه ويتعلم تحت يده حوالي 12 ألف لاعب، أغلبهم من المعاقين الذين زرع بداخلهم الأمل والرغبة في النجاح وتحقيق الهدف.

*للأسف لم أجد له أي صورة على الانترنت حتى انني لم أجد صفحة له على موقع الويكيبيديا!

الدكتور زكي عثمان

 

    في أول أيام شهر فبراير عام 1953م في قرية الرزيقات مركز أرمنت محافظة قنا المصرية، وضعت الأم وليدها الذي سبقه أربعة أشقاء وثلاث شقيقات، كان طفلاً عادياً كغيره من الأطفال ولكن عندما أتم من عمره عامان ونصف العام أصيب بحمى شديدة أدت إلى فقده لبصره وإصابته بشلل الأطفال، وحاول أهله علاجه كثيراً ولكن كل الأطباء أجمعوا على أنه لا علاج له، وحاول بعض الأهل والمعارف اقناع والديه بالقاءه في الطاحونة ليموت ويتخلصوا من عبئه، ولكن بعاطفة الأمومة والأبوة رفضا ذلك رفضاً قاطعاً.

   حاول والديه استثمار امكانياته قدر المتاح فألحقوه بالكتاب في القرية، وبعد سنة انتقلوا إلى القاهرة لظروف عمل الأب؛ فأحضروا أحد المشايخ من الأقارب ليستكمل تعليم القرآن له في البيت حتى أتم حفظ القرآن بالفعل ووعاه وفهمه وادرك معانيه وتفسيره، ولكنه ظل حبيس المنزل حتى بلغ السادسة عشرة من عمره دون الالتحاق بأي مدرسة، وكان الراديو هو رفيقه الوحيد طوال هذه المدة؛ فتعلم منه أمور الثقافة والسياسة والاقتصاد، وتعلم اللغة الانجليزية وأتقنها من الراديو حيث كان مواظباً على متابعة البرنامج الأوروبي.

     كان يسمع في الراديو مسلسل “الأيام” عن السيرة الذاتية للدكتور “طه حسين” وكان يتمنى أن يحذو حذوه ويحقق ذاته مثله. كان يحلم أن يصبح خطيباً وإماماً واعظاً حتى إنه كان وهو في الخامسة من عمره يقف كل يوم في فناء المنزل يقرأ القرآن الكريم بصوت عال، ويخطب وكأنه خطيباً يخطب في جمع من الناس، وكان الناس من الجيران والمارة يتجمعون حوله بالفعل ما بين معجب بصوته وقوة شخصيته وساخر مستهزئ يظن أنه مجنون فقد عقله.

    بعد أن بلغ السادسة عشرة من عمره أراد أن يتعلم ويلتحق بالمدرسة، وكالعادة اعترض البعض واقترحوا على والديه أن يلحقوه بمركز التأهيل الفني للمكفوفين ليتعلم صناعة السجاد وتكون هذه حرفته وحياته وآخرون رأوا أن يظل حبيس المنزل كما هو فلا فائدة من خروجه وتعليمه، ولكنه صمم على الدراسة وسانده والده وقدم أوراقه لوزارة التعليم؛ فبدأ مباشرة من الصف الأول الإعدادي الأزهري واستثنى من المرحلة الابتدائية لأنه يحفظ القرآن الكريم، ونجح نجاحاً باهراً وانتقل للمرحلة الثانوية.

   كان يذهب إلى الدرسة إما محمولاً على الأكتاف أو زاحفاً على الأرض سواء في الصيف أو الشتاء بين الطين والماء الذي يملأ الشوارع، وقد ذكر عدة مرات أنه لا ينسى رجلاً انتشله من الأرض ذات مرة في الشتاء وحمله بالرغم من تلطخ يديه وملابسه بالطين، وأركبه أوتوبيس وطلب من السائق أن يهتم به ويوصله إلى حيث يريد. وعلى الرغم من كل تلك المصاعب إلا إنه قد نجح بتفوق في الثانوية والتحق بكلية أصول الدين، ولم يكتف بشهادة واحدة فقد حصل على شهادتين من كلية أصول الدين لقسمين مختلفين، فقد حصل على ليسانس الدعوة والثقافة الإسلامية عام 1979 ثم أتبعه بليسانس التفسير عام 1983.

   وقد عُين في وزارة الأوقاف إلا انه لم يكتف بهذا أيضاً، فحصل على الماجستير عام 1986م بتقدير جيد جداً عن منهاج الإسلام في التنمية الإقتصادية عُين بعدها مدرساً مساعداً في كلية الدعوة، ليحصل بعد ذلك على درجة الدكتوراه بامتياز مع مرتبة الشرف الأولى، كما أصبح متحدثاً في الإذاعة وله برنامج ثابت، وتدرج وظيفياً إلى أن وصل لرئيس قسم الثقافة الإسلامية بالكلية، ووضع أربعة وعشرين مؤلفاً في الدعوة والتفسير والثقافة والاجتماع، وأشرف على أكثر من سبعة عشر رسالة دكتوراه.

    وقد توفي الدكتور زكي عثمان في 30 يناير 2015 عن عمر يناهز 62 عاماً أمضاها في حب العلم والقرآن وتعلمه وتعليمه للناس، لم تثنيه الاعاقة الجسدية ولا تثبيط من حوله لهمته عن الوصول لهدفه، فقد عرف طريقه وغايته وحكمة الله من خلقه فسعى سعياً حثيثاً لبلوغ مقصده لا يؤخره عن ذلك قول محبط ولا شماتة حاسد.

الملاكم العالمي محمد علي

 

     ولد “محمد علي” في 17 يناير 1942م، في مدينة لويفيل بولاية كنتاكي لعائلة أمريكية سوداء من الطبقة المتوسطة، وكان اسمه “كاسيوس مارسيلوس كلاي جونيور” والذي غيره إلى “محمد علي” بعد اعتناقه الاسلام ورفضه لاسم “كلاي” الذي كان يدل على عبودية السود في أمريكا، كان يحلم أن يكون من أقوى أبطال العالم في الملاكمة، في حين أن الناس جميعاً كانوا يسخرون منه، ولكنه حاول مرة بعد مرة، وضُرب أكثر من مرة، ولكنه كان يعيد المحاولة في كل مرة.

     تدرب وتمرن، وكان يلاحظ حركات اللاعبين.. حركات أرجلهم.. أيديهم.. أعينهم.. أنفاسهم، وخسر أكثر من مرة، ولكنه بعد ذلك أستطاع أن يفوز وينتصر، حتى وصل به الأمر إلى أن تحدى “جورج فورمان” ذلك الرجل الذي كان يهابه الجميع، فقد كانت ضربته أقوى من ضربة الحصان. ومع ذلك فقد تحداه محمد علي كلاي ولعب أمامه، ولكنه خسر، فقد أصابه “جورج فورمان” بإصابات عديدة، منها 12 غرزة في وجهه، وكذلك اصابة في فكه، وكسر في ذراعه، ودخل المستشفى في حالة سيئة جداً.

     نصحه الناس ألا يلعب مرة أخرى، ولكنه استطاع أن يلعب ثانية، وقرر أن يلعب أمام “جورج فورمان” مرة أخرى، بعد أن شاهد الفيلم التسجيلي للمباراه التي لعبها معه حتى استوعبها تماماً وعرف نقاط القوة والضعف فيها، وتدرب بشكل مكثف ليلاً ونهاراً. وعندما علم “جورج فورمان” بالأمر قال للناس: سوف تشتاقون للقاء هذا الرجل مرة أخرى؛ فهذه هي آخر مرة يمكنكم أن تروه فيها، فإنه لم يستوعب الدرس من المرة الأولى، فودعوه بشده؛ لأنني سوف أخلصكم منه تماماً..

    وكانت المنافسة بينهما قد تحدد مكانها في أفريقيا؛ فذهب “محمد علي” قبل البطولة بشهر كامل إلى الناس هناك، وكان ينزل إلى الشارع ويجري وسط الناس، ولأنه كان ذو شخصية محبوبة وجذابة فقد أحبه الناس وكانوا يشجعونه ويهتفون باسمه وهو يتمرن بينهم. ولما بدأت المباراة أراد “محمد علي” أن يقنع “جورج فورمان” أن ضربته مهما بلغت من قوة لا تؤثر فيه، في حين أن أي ملاكم آخر كان يتقي ضرباته ولا يثبت أمامه أكثر من حلقتين أو ثلاث.

    ولكن “محمد علي” استمر أمامه اثنتى عشرة حلقة، وفي النهاية فاز عليه بالضربة القاضية وقضى عليه، وكان قد أشهر اسلامه وقتها؛ فصرح قائلاً: بفضل الله سبحانه وتعالى وحده، ثم المجهود الشخصي والكفاح والإصرار والتقدير والمرونة والرؤية والهدف استطعت أن أحقق أهدافي.. وقد فاز “محمد علي” ببطولة العالم للوزن الثقيل ثلاث مرات على مدى عشرين عاماً في 1964 و1974 و1978، وكان يصف نفسه بأنه “يطير كالفراشة ويلسع كالنحلة”، وهو صاحب أقوى وأسرع لكمة في العالم حيث تعادل قوتها حوالي ألف باوند.

   في بدايات عام 1966 طُلب للخدمة في الجيش الأمريكي وكانت أمريكا وقتها تخوض حربها ضد فيتنام؛ فرفض أن يخدم في الجيش الأمريكي واعتبر نفسه معارضاً للحرب، وصرح قائلاً: “هذه الحرب ضد تعاليم القرآن، وإننا كمسلمين ليس من المفترض أن نخوض حروباً إلا إذا كانت في سبيل الله، لن أحاربهم فهم لم يلقبوني بالزنجي!”، ونتيجة لذلك تم سحب لقب بطولة العالم منه ولكنه تلقى دعم الكثيرين لآراءه وموقفه خاصة بعد الخسائر التي تكبدها الجيش الأمريكي في تلك الحرب.

   وفي عام 1970 عاد “محمد علي” للملاكمة مرة ثانية في مباراة وصفت أنها مباراة القرن ضد جو فريزرحيث لم تسجل هزيمة لأي منهما في مباراة من قبل، وكانت مباراة مقسمة على ثلاث مباريات منفصلة فاز “محمد علي” باثنتين منهم، ورصيد “محمد علي” في الملاكمة 61 مباراة فاز في 56 مباراة 37 منهم بالضربة القاضية وخسر في خمس مباريات فقط، وتزوج “محمد علي” أربع مرات (كل على حدة) أنجب فيهم سبع بنات وولدين، وأصغر أبنائه هي الملاكمة ليلى محمد علي الوحيدة من أبنائه التي احترفت الملاكمة سيراً على خطاه وإن لم تعتنق الاسلام مثله.

    في عام 1999 توج “محمد علي” بلقب رياضي القرن من مجلة “سبورتس ايلاستريتد” وذلك بعد أن اعتزل الملاكمة عام 1981 وكان عمره وقتها 39 عاماً ليتفرغ بعدها لمشاريعه الخيرية، وفي عام 1984 أصيب بداء باركنسون (الشلل الرعاش) ولكنه أستطاع ان يقاومه كثيراً حتى تدهورت حالته الصحية بشكل ملحوظ عام 2005 وتوالت بعدها نكساته الصحية إلى أن توفي في 4 يونيو 2016 تاركاً للبشرية ارثاً من الانجازات الرياضية والمشاريع الخيرية في كافة المجالات لا يمكنها تجاهله، لم يستسلم يوماً لا لهزيمة ولا لمرض، لم يقعده شيء في الحياة عن تحقيق أهدافه والوصول لمآربه.